في إطار الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء واليوم العالمي للتسامح، يعتزم المركز الدولي للواحات والمناطق الجبلية على تنظيم مؤتمر التسامح والتعايش حول" التراث الثقافي المغربي العبري بالواحات والمناطق الجبلية: المجال والذاكرة والعيش المشترك"، وذلك بورزازت يومي 5و6 نونبر 2023.
وسينظم هذا الملتقى بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بورزازات (قطاع الثقافة)، والطائقة اليهودية بجهة مراكش أسفي، ومتحف التراث اليهودي المغربي، وجمعية أصوات الأمل، والجمعية الدولية للمغاربة من أجل التسامح، وجمعية مولاي علي الشريف للثقافة والتراث والتنمية، ومؤسسة درعة تافيلالت للعيش المشترك، والمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية والفندقية والسياحية بورززات وبتعاون مع مؤسسات وطنية
ومن المنتظر أن يشارك في هذا المؤتمر العلمي والثقافي عدة متخصصين في التعدد الثقافي، والتسامح والتراث المغربي العبري، بالإضافة إلى ممثلي المؤسسات العمومية وهيئات المجتمع المدني وإعلاميين. ويطمح هذا المؤتمر إلى إبراز البعد التاريخي والحضاري والثراء الثقافي الذي تزخر به المجالات الواحية والجبلية، من تراث إنساني غني بقيم التسامح بين مختلف مكوناته البشرية، خاصة التعايش التاريخي بين المغاربة اليهود والمسلمين.
كما يروم هذا المؤتمر إلى ملامسة جوانب حضور المكون العبري-المغربي في المجال الواحي والجبلي، وذلك لإبراز مقوماته التراثية المادية واللامادية وخاصة المعمار والصناعة التقليدية لخدمة التنمية السياحية. فدستور المملكة المغربية لسنة 2011، أشار في ديباجته إلى تعدد مكونات وروافد الهوية المغربية، حيت اعتبر:
" المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية - الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء".
إن الاستثمار في التنوع والتسامح والحوار بين الثقافات يمثل ركيزة أساسية لتعزيز قيم التعايش التي يتميز بها المغرب، لاعتبار التعدد الثقافي تراثا إنسانيا يعزز روح المواطنة ويرسخ الالتحام على صيانة الهوية الوطنية الموحدة. وفي هذا الإطار، فان هذا الثراء الثقافي المغربي العبري ، يلخص قيم التعدد الثقافي والتعايش والتسامح الذي ميز المغرب عامة ومناطق الواحات خاصة، باعتبار هذه المجالات فضاء لتلاقي الثقافات والحضارات العريقة.
يستلهم هذا الملتقى مضامينه من الدستور المغربي ومن التوجهات والرسائل الملكية الحكيمة التي تدعو للسلام والتعايش المشترك والحوار بين الحضارات والأديان. كما حرص جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على تثمين التراث اليهودي المغربي وصونه، وعلى تنمية روح الوحدة والتلاحم الصادقة بين اليهود والمسلمين في دار الإسلام، والتي هي سر الخصوصية المغربية، للحفاظ على صورة المغرب كأرض للتسامح والتعايش والانفتاح (الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة التاسعة للمنتدى العالمي لتحالف الحضارات الذي تحتضنه مدينة فاس يومي 22 و23 نونبر 2022). كما أبرز جلالته، في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الدولي حول '' حوار الأديان.. لنتعاون من أجل مستقبل مشترك” المنعقد بمراكش بين 13 و15 يونيو الجاري، أنه لن يتسنى بلوغ ذلك إلا إذا “ربطنا القول بالفعل، وحرصنا على تجديد مفهوم الحوار بين الأديان، وتحقيق نقلة نوعية في الوعي الجماعي بأهمية الحوار والتعايش، وبمخاطر الاستمرار في منطق الانغلاق والتعصب والانطواء''. كما أكد جلالته أيضا على حرص المملكة المغربية على أن تظل نموذج الدولة التي يتعايش على أرضها، في أخوة وأمان، معتنقو الديانات السماوية، وذلك وفاء منها لتاريخها العريق في التنوع والتعددية الدينية والثقافية التي ميزت الكيان المغربي منذ قرون. ''فعلى هذه الأرض تعايش ويتعايش المسلمون واليهود والمسيحيون منذ قرون. وأرض المغرب هي التي استقبلت آلاف الأشخاص من المسلمين واليهود الذين فروا من الاضطهاد الديني من شبه الجزيرة الإيبيرية، خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ووفرت لهم الحماية الكريمة.''
ولهذا، فالملتقى الذي يعتزم المركز تنظيمه، يهدف إلى ترسيخ مبادئ التعايش والسلام، لبلوغ هدف مشترك يتمثل في تحقيق العيش المشترك في ظل قيم الكرامة
Comments