top of page

أيها الوجع أفق (مهداة للكاتبة الروائية البحرينية الصديقة فوزية رشيد)


كم قلتُ ياوجعي أفقْ

هذا البريقُ إلى أفولْ

ياقومُ كحلي ليس للبيعِ

وليس للعرس المضمخ

بين زغردةِ الطبولْ

أسرجتُ صوتيَ للرياحِ

تَصرُه سرًا دفين

لاطسمَ تسمعني ولا صوتَ

الخلاخلِ تستبينْ

كم قلتُ ياليلُ أستفق

إني أرى شجراً يسيرْ

شجرٌ طوى شِعبَ المشارفِ والدروب

لكن قومي ما ارتضوا حرفي دليل

قالوا هرمتي وخانَك

النظرُ الكذوب

يا آل يعربَ ، ياجديسُ ويا طسم *

ما عاد يَعبثُ من تلاحقه سكاكينٌ

تُسن بقلبِ ليلْ

إني أرى شجرا أتى

من كل ناحية يسيل

هاهم تكاثرَ جمعُهم وتكالبوا

نهشوا القلوبَ

يامن تجرع كيدُهم وجعي

/ دمائي من سنين

لا تسمِلوا عيني تباعا مرتين

إني وهبتُ الرائياتِ ثمين كحلٍ

لا يزالُ لسحره ذلك الشوفِ

المكللِ بالذهولْ

وثَّقتُ عهدَ الراصداتِ

على المشارق والغروبْ

وأنا هناك ولم أمت

خبئتُ سريَ في العيونِ

وكلما احتبسَ الضياء

نادتني آهاتُ النساء

اليومَ عدتُ ولم أر وجه اليمامة *

عطشى عدوتُ لسدِ مأربَ

ما وجدتُ شحيحَ ماءٍ

لا ينابيعَ تُهامه

وبروجُ بابلَ

أين هُجِرَ مجدُها

وممالكُ الزباءَ من

أزرى بتدمرَ عرشِها وشآمه ؟

اليومَ عدتُ وقد سرى

صوتٌ ينادي جدتي

أحتاجُ كحلَك أستبينُ به

إني سئمتُ من النبواءات الكذابِ

سئمتُ وصفة عرافٍ

لايعودُ إلى كتابٍ مستنيرْ .

الليلُ في فمه مِراياتُ الصباحِ

والصبحُ ليلٌ أظلَمتْ جنباتُه وإن استنارْ

لبسَ الشتاءُ لهيبَ صيفٍ حارقِ

والصيفُ كفنَ شمسَه

حين ارتدى ثلجَ الشتاءْ

والعينُ عاجزةُ البصيرةِ ... جدتي

والقومُ جمعا يسخرون

ولكم رأيتُ ، وكم رأيتُ ، وكم رأيتْ

كم قلتُ يازرقاءُ إني من ورثتُ

اللعنة الكبرى

شجرا أراه قد نُكستْ منه الرؤوسُ

وثمارُه متدحرجٌ فوق الترابِ

وجذورُه من أرضها قُلعتْ بغدرٍ

وارتمتْ دون قرارْ

ياجدتي إني أرى حسانَ *

بألفِ وجهٍ

وكما استباح دماك

هاهم صوتيَ يذبحون

أو يسفكُ العربيُ دمَّ اليعربيَ

ليبذرَ ابنُ سبأ فتنته *

ويعيثُ فينا بنو النظير

ياجدتي إن قومي يسخرون

ماذا ترين

نبئيني يا سَمية ما ترين .

قد كنتِ تهدينَ العقولْ

عجبا ما الذي يُبكيك !!

أو .. خطي لحرفي ما يقول ..

يتنفسُ الأثمدُ المشنوقُ

لم يبق قولٌ يا ابنتي

لم يبقَ قولْ

كم قلتُ ياوجعي أفق

هذا البريقُ إلى أفول ..

القولُ جففَ بعضَه

وهوتْ عليه رؤى الذهولْ .

لم يتركوا لنا يا ابنتي ...

لم يتركوا لنا ...

لم يتركوا لنا ما نقول.

Comments


bottom of page