top of page

أكاديمية الشعر تُصدر "الماجدي ابن ظاهر .. حياته وشعره"


أوّل شاعر إماراتي قديم حفظ التاريخ اسمه وحصيلة ثمينة من أشعاره..

محمد بن راشد آل مكتوم: كلما كان التراث أكثر غنى وأخصب عطاءً، ازدادت الفرص أمام المعاصر أن ينتج أعمالا إذا هي لم تتجاوز التراث فإنها لا تقل عنه غنى وخصبا ً..

صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي ديوان "الماجدي بن ظاهر حياته وشعره " ضمن سلسلة الأعمال الكاملة للأديب الإماراتي الراحل حمد أبوشهاب، والتي تتولى أكاديمية الشعر مسؤولية إعادة طباعتها ونشرها، وذلك في طبعة ثانية (2016) من جمع وتحقيق وشرح حمد خليفة أبو شهاب و إبراهيم أبو ملحه، حيث نفذت نسخ الطبعة الأولى الصادرة في عام 2012 عن الأكاديمية.

ويقع الديوان في 241 صفحة من القطع المتوسط ، جاءت بدايته مميزة مُتضمنة كلمة كتبها للديوان في طبعته الأولى (للمؤلفين أبو شهاب وأبو ملحه) في منتصف الثمانينات، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله ورعاه ، جاء فيها: "إن ابن ظاهر من أعظم شعراء المنطقة في عصره وأكثرهم تعبيراً عن البيئة وخصوصياتها وأحلامها ومطامحها، وهل من رسالة للأدب أبرّ من هذه الرسالة؟ فلا غرو أن يهتم به من رأوا فيه بحق أسوة حسنة وقدوة محمودة، إننا لنتمنى ونحن نحيّي صدور هذا الديوان القيّم ودأب مًحققيه الكريمين، أن لا تفتر همم شعرائنا الشباب في التنقيب عن كنوز ميراثهم الشعري الغني، وإظهارها للناس وتقريب معانيها وألفاظها من أفهام الخلف الذين ما انفكوا يتباعدون في بعض الأحيان منها لجهل بها أو لغيابها في المكتبات الخاصة مخطوطات لا يطلع عليها غير أصحابها".

وتابع سمو الشيخ محمد بن راشد في كلمته للكتاب: "وإذا كان لجيلنا أن يفخر بواقعه الشعري الخصيب، فما ذلك إلا لأنّ أصداء ما قاله الأجداد من بليغ القول وشجيّ الغناء قد بقيت تتجاوب في سهولنا على كرّ الليالي وتباعد الشقّة بين زماننا وزمانهم، ذلك أن البنيان الحضاري مهما يكن المجال الذي يقوم فيه سواء أكان شعراً أم مسرحاً أم فنّاً تشكيلياً، لا يُمكن أن ينشأ من عدم أو ينهض من فراغ، من هنا كانت حتميّة تأثر المعاصر بميراث أمته وانعكاس هذا التراث عليه سلباً أو إيجاباً، هذا يعني أنّ التراث كلما كان أكثر غنى وأخصب عطاءً، ازدادت الفرص أمام المعاصر أن ينتج أعمالا إذا هي لم تتجاوز التراث فإنها لا تقل عنه غنى وخصبا ً".

ويؤكد الكتاب أنّ الشاعر الماجدي ابن ظاهر هو أوّل شاعر إماراتي قديم حفظ لنا التاريخ اسمه وحصيلة ثمينة من أشعاره، ولا ينفي الكتاب وجود شعراء آخرين قبل ابن ظاهر وشعراء معاصرين له، لكننا لم نقف على أسمائهم أو بعض من أشعارهم.. ولكن المؤكد أن ابن ظاهر يمثل مرحلة من مراحل سابقة مجهولة التحديد في نشأة الشعر الشعبي وتطوره، وليست المرحلة الأولى بالذات.. فشاعر مثله على قدر كبير من الإجادة لا بدّ وأن يكون عصره مرحلة متأخرة من مراحل سبقته، تأثر فيها بمن سبقوه من شعراء تلك المراحل، فليس من المعقول لمرحلة تعتبر بداية لنشأة الشعر الشعبي فيها أن تنجب شاعرا فذا بمثل هذه الخصائص العظيمة والميزات الجليلة.

كما أوضحت مُقدّمة الكتاب لأكاديمية الشعر مدى أهمية إصدار مثل هذا الديوان وتجميع هذه القصائد من قبل الباحثين، حيث يعود سبب جميع هذه المحاولات المبذولة من قبل الباحثين للتشوق لمعرفة تاريخ معين عن نشأة الشعر الشعبي في الإمارات وتطوره، وللتعرف على أهم أحد الشعراء الذين ساهموا في قديم الزمان في نشأة الشعر الشعبي في الإمارات وساهموا في إثراء الساحة الأدبية بكلماتهم وشعرهم الفذ. والأهم من ذلك هو إتاحة الفرصة للأدباء والمثقفين ومتذوقي الشعر ومحبيه للتعرف على التاريخ التقريبي لنشأة الشعر الشعبي في الإمارات، ويعود السبب في ذلك لتقطع الأسباب وانعدام المراجع التي يمكن أن يستشف من خلالها الباحثون بريقاً يكشف لهم ولو قليلا عن تحديد وتعيين تاريخ أكيد لتلك الحقبة من الزمن التي بدأت فيها اللهجة العامية بالظهور .

و تضمن الكتاب، مدخلاً عن الفترة الشعرية للشاعر الماجدي بن ظاهر، ومولده، حيث يذكر من خلالها المؤلف العديد من الروايات التي تختلف في مولد ابن ظاهر ونشأته في عدّة مناطق من الإمارات، موضحاً بذلك بعض الأسباب والأدلة الشعرية التي تقود لمعرفة الرواية الأصح تبعاً للأدلة والاستنتاجات التي قد تنبأ بها المؤلف، إلى جانب تطرقه للحديث عن مهنة الشاعر التي امتهن بها وهي حرفة صيد السمك واللؤلؤ الذي يستخرج من المياه القريبة من الساحل..

إضافةً إلى ضرورة التعريف بقبيلة ابن ظاهر التي أثارت حيرة الباحث في توقعاته، حيث "ظاهر" إما أن يكون أبا الشاعر أو لقباً اشتهر به، ليتناول المؤلف طرح 3 روايات لتؤكد بعد ذلك على أن الماجدي ليس اسما لابن ظاهر وإنما هو نسب لقبيلته التي ينتمي إليها ويعتز بها.

كما أكد المؤلف في ما جاء حول تاريخ مولد بن ظاهر، في صعوبة وضع تاريخ معين لمولد و وفاة ابن ظاهر، ولكن من الممكن تحديد الفترة التي عاشها الشاعروذلك استناداً لبعض القصائد التي قالها الشاعر في بعض أئمة الدول والتي تعتبر بمثابة دليل لتواجد الشاعر في تلك الحقبة الزمنية، حيث عاصر الدولة اليعربية التي قامت في عُمان سنة 1024 هـ.

وأخيراً تطرق المؤلف للحديث حول المستوى الفكري والثقافي للشاعر، مشيراً إلى أن ابن ظاهر قد كان على جانب كبير من العلم والثقافة، لجميع ما قدمه من درر ثمينة ونفائس كريمة خلدها التاريخ على مدى قرون من الزمان وتداولتها ألسنة الناس أمثالاً وأوصافاً وحكماً

الجدير بالذكر أن ديوان الشاعر الماجدي بن ظاهر يجمع العديد من القصائد المتنوعة الأهداف والأغراض الشعرية التي لامسها المؤلف في قصائد الماجدي، حيث أوحت المواضيع التي تناولها الماجدي في قصائده بارتباطه الوثيق بالحياة الواقعية التي عاشها، إذ حملت قصائده دلالات ورموزاً لغوية جزلة عبرت عن الارتباط وحب الوطن، وامتاز البعض منها بروح الرومانسية التي عززتها الصور الشعرية ورسمها الشاعر بكل إحساس، كما تناول الشاعر مجموعة من المواضيع في قصائده كالحب، الحنين، السفر، الصداقة، الإحساس بالفراق، الحكمة، مروراً بهموم الحياة ومدى صرامة الحياة البدوية في الماضي.

قصائده المتنوعة اتسمت بجزالة اللفظ وقوة المعنى، ولكن هناك العديد من القصائد التي لم توجد كاملة حيث سقطت من الرواة بعض أبياتها وبعضها دخل بعضه في بعض، ومع ذلك كتبت مع إفساح المجال لمن يجد التكملة ليكملها.

bottom of page