نجحت جمعية البيئة العُمانيّة مؤخراً بتثبيت أجهزة إرسال تعمل بالطاقة الشمسيّة على فرخين من طيور الرخمة المصرية خلال شهر يناير 2016، وذلك ضمن مشروعٍ بحثيّ يهدف إلى الحصول على فهمٍ أفضل لبيئة هذه الطيور المهددة بالانقراض. ويأتي هذا الإنجاز ضمن مشروع حماية طيور الرخمة المصرية في السلطنة والذي أطلقته الجمعية في إطار جهودها المتواصلة لتحديد مواقع تكاثر هذه الطيور، والمخاطر الرئيسيّة التي تهددها، والتدابير الوقائية اللازمة للحفاظ عليها.
وبتاريخ 16 فبراير 2016 أشار أحد الجهازين إلى توقف الطير عن الحركة، مما دفع فريق من جمعية البيئة العُمانية للبحث عنه، وبعد تحديد مكانه تم العثور عليه نافقاً دون سبب تحديد أسباب النفوق، ومن اللافت للنظر بأنّ معدل الوفيات لدى صغار الطيور من هذا النوع وغيره من الأنواع يعد مرتفعاً بشكلٍ طبيعي، حيث يتراوح بين 70-90%. ورغم احتمالية أنّ يكون سبب هذه الوفاة طبيعياً، إلّا أنّه لا يمكن إغفال عددٍ من الأسباب الأخرى كالصعق بالكهرباء والتسمم والصيد الجائر. ورغم وجود نقص في المعلومات، تبقى تقنية التعقب عبر الأقمار الإصطناعيّة وسيلة مهمة لجمع المعلومات عن وقت وخط سير حركة هذه الطيور وأسباب نفوقها. وما يزال الطير الثاني يتحرّك ضمن المنطقة الشمالية للسلطنة، حيث تمّ رصده مؤخراً في منطقة طهوة بمحافظة الشرقيّة. ويمكن متابعة حركة الطائر وآخر المستجدات عن المشروع من خلال الموقع التالي: http://egyptianvultureoman.blogspot.co.at/ .
وتنتشر طيور الرخمة المصرية، والتي تعرف كذلك بالدجاج الفرعوني، في جنوب غرب أوروبا، وشمال ووسط إفريقيا، والجزيرة العربيّة، والهند، وأوروبا الشرقيّة وأواسط آسيا. ويصنف هذا الطائر الجارح ضمن قائمة الأنواع الحيوية المهددة بالإنقراض على مستوى العالم نتيجة للعديد من الأسباب التي تشمل التسمم المتعمّد أو العشوائي، والصعق بالكهرباء على الأسلاك الكهربائية ذات الفولطية المتوسطة، والصيد الجائر، وتدمير مواقع التعشيش والتكاثر.
ووفقاً للاتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN)، فقد انخفضت أعداد هذه الطيور في جميع مواطنها، حيث تناقصت أعدادها بواقع 90% في الهند خلال العقد الفائت، بينما وصلت هذه النسبة إلى 50% في أوروبا على مدى ثلاثة أجيال مضت. كما واجهت تلك الطيور تناقصاً كبيراً في أعدادها في إفريقيا والجزيرة العربيّة على حدّ سواء. وفي الجهة المقابلة، فقد أظهرت الأبحاث التي قامت بها جمعية البيئة العُمانيّة بأنّ عُمان ربما تمثّل معقلاً حصيناً لهذه الطيور، وبالتالي فإنّ لديها إمكانيّة كبيرة لدعم الجهود العالمية لحماية هذا النوع الحيويّ المميز.
وفي تعليقها على ذلك، تحدّثت مايا صروف ويلسون، مديرة المشاريع في جمعية البيئة العُمانية، بقولها: "إنّ تعقب حركة هذه الطيور يشكل مصدراً قيّما لفهم بيئاتها والأخطار المحدقة بها، سواء كانت تهديدات طبيعية أو بشرية. فمن خلال أجهزة الإرسال عبر الأقمار الإصطناعيّة، فإنّه بإمكاننا معرفة مواقع هذه الطيور بالتحديد، وبالتالي التعرّف على الأسباب التي تؤدي إلى نفوقها. ومن المهم استمرار هذا البرنامج حيث سنتمكن من خلاله من الحصول على فهم عميق وطويل الأجل لحركة هذه الطيور وبيئاتها الطبيعيّة".
ومن جانبه، تحدّث الدكتور مايكل ماكجريدي، الباحث الرئيسيّ في المشروع، قائلاً: "تعدّ طيور الرخمة المصرية من الطيور القْمّامة، وهي بالتالي توفر خدمة جليلة للنظام البيئي من خلال التغذّي على النفايات الحيوية التي يخلّفها الإنسان، الأمر الذي يؤثر إيجاباً على صحة الإنسان والمواشي على حدّ سواء. وإنّنا نرغب في فهم حركة هذه الطيور بشكل أفضل في عُمان والآثار المحتملة والحقيقية لعمليات إدارة النفايات وشبكات توزيع الطاقة الكهربائية على حياة هذه الكائنات. ومما لا شك فيه، بأنّ الخطط الشمولية لإدارة النفايات وشبكات توزيع الطاقة ستستفيد بشكل كبير من الحفاظ على حياة هذه المخلوقات الرائعة".
جديرٌ بالذكر أنّ جمعية البيئة العُمانيّة قد باشرت في مشروع طائر الرخمة المصرية في أوائل 2012 في جزيرة مصيرة. ومنذ عام 2015، فقد تمّ تعقب أربعة طيور صغيرة بالتعاون مع المركز الدوليّ لبحوث الطيور، الأمر الذي ساهم في توفير معلوماتٍ قيّمة عن هذا الطائر في السلطنة.
نبذة عن جمعية البيئة العُمانية:
أنشأت جمعية البيئة العُمانية في شهر مارس عام 2004م على يد مجموعة من المهتمين من مختلف المهن والوظائف. وتعد الجمعية الأولى من نوعها في السلطنة حيث تسعى لنشر الوعي حول أهمية المحافظة على البيئة في مختلف شؤون الحياة. وفي فبراير 2009م تم اعتماد الجمعية عضواً في الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها IUCN، كما اختيرت كذلك لتمثل المنظمات البيئية في إقليم غرب آسيا UNEP. وفي عام 2012م حضرت الجمعية مؤتمر الولايات المتحدة للتنمية المستدامة (قمة ريو+20) في ريو دي جانيرو كإحدى المؤسسات غير الحكومية الرسمية المعتمدة حسب قرار الجمعية العامّة للأمم المتحدة (A/66/L/44).
]