يكرس مفاهيم التأطير والتوثيق لخدمة الإبداع الفني بشكل جاد .. ـ مناقشة معايير تقييم الإنتاج الفني وعلاقة الثقافات المعاصرة بالفنون التشكيلية ..
افتتح الدكتور علي بن سعود البيماني رئيس جامعة السلطان قابوس أمس المؤتمر الدولي الثاني بعنوان «الفنون البصرية والثقافة» الذي تنظمه مجموعة الفنون البصرية العمانية بقسم التربية الفنية بكلية التربية بالجامعة بالتعاون مع النادي الثقافي وذلك بقاعة مدرج الفهم بمركز الجامعة الثقافي. وبحضور سفراء فرنسا وبروناي والسعودية والبحرين ومصر وتونس واليونان وأمريكا والسودان في السلطنة. وتأتي أهمية المؤتمر في الالتقاء والحوار وتبادل الأفكار حول ما هو جديد ومعاصر في الفنون البصرية كما أنه فرصة للتبادل الثقافي والتعرف على بعض التجارب الفنية لفنانين معاصرين. وألقى الدكتور وسام محمد عبدالمولى (أستاذ مساعد بقسم التربية الفنية ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر) كلمة الافتتاح الرسمي وقال فيها: «تناول الباحثون في مختلف المجالات من الفنانين والفلاسفة والعلماء والأدباء والنقاد موضوع الفنون البصرية والثقافة بالبحث والتحليل منذ أقدم العصور، إلا أن هذا الموضوع اتخذ في السنوات الأخيرة منعرجاً حاسماً لم يكن منتظراً، بل شكل اليوم أزمة من أخطر الأزمات التي يعيشها تاريخ الفن». فيما ألقت الدكتورة فخرية اليحيائية رئيسة قسم التربية الفنية ورئيسة المجموعة البحثية للفنون البصرية العمانية كلمة اشارت فيها إلى مساعي المجموعة في التأطير والتوثيق بشكل جاد لخدمة الفنون، وتفعيل التواصل مع الباحثين والفنانين في قضايا الفنون الراهنة من أجل التعمق في قضايا الابداع الإنساني. وقالت «ننطلق بكل مثابرة وأكثر عمقاً في البحث بين العملي والتنظيري في تناول الفنون البصرية في هذا المؤتمر والذي نلتقي فيه بأطراف عدة ذات علاقة بالفنون البصرية وتلك المرتبطة بالجوانب الثقافية».
قيم عالية
وقالت الدكتورة عائشة الدرمكية مديرة النادي الثقافي: « إن اختيار موضوعات نوعية تقدم الرؤية التي ينطلق منها النادي الثقافي وتؤسسها من خلال مؤتمر دولي يناقش موضوعات مهمة في الفنون البصرية يجعل من تحقيق تلك الرؤية أمرا ذا خصوصية بما يشتغل عليه الباحث والناقد الفني والفنان من مواضيع وعناصر أدبية وفكرية تحمل قيما عالية وفلسفية عميقة، من خلال إعادة تشكيلها وتركيب أنساقها الثقافية لتقديم معرفة تتناسب مع القيم الحضارية الحديثة ومنطلقات التطور العلمي في مجال الفنون البصرية من حيث الرؤية والطرح والمنهجيات التي تدرس وتحلل تلك المواضيع والعناصر، ولهذا فإننا نتشرف بأن تكون لنا هذه التجربة المهمة بالتعاون مع المجموعة البحثية للفنون البصرية. ويستمر المؤتمر لمدة أربعة أيام حيث تقام بقية الجلسات في النادي الثقافي. ويطرح المؤتمر سبعة محاور هي: (معايير تقييم الإنتاج الفني: حدود خصوصياته الثقافية، والحركة الفنية المعاصرة الخاضعة لمقتضيات السوق وكيفية التسويق لها إعلاميا على المستوى العالمي، وعلاقة الثقافات المعاصرة بالفنون التشكيلية والتصميم، وتحديد وضعية الفن ووضعية الفنان ضمن مختلف التحولات الاجتماعية والمؤسساتية على المستوى المحلي (في السلطنة) والعربي، والفنان الأصيل ومدى ذوبانه في بوتقة الصناعات الثقافية المعاصرة وأنماط الاعتراف به، واضمحلال بعض الأجناس الفنية في علاقتها بالوسائط المتعددة، وجدلية العمل الإبداعي الأصيل والمجدد ومدى ارتباطه الثقافي)، مستضيفاً في كل يوم عددًا من الفنانين والأكاديميين من مختلف دول العالم لتقديم جلسات نقاشية وأوراق أعمال حول قضايا فنية معاصرة ومناقشتها، كما يحتضن المؤتمر في يومه الأول افتتاح معرض الفنون الراهنة وذلك في النادي الثقافي.
معايير تقييم الإنتاج الفني
وكان المؤتمر أمس على موعد مع المحورين الأول والثاني، حيث ترأس الدكتور سليمان البلوشي عميد كلية التربية بالجامعة الجلسة الرئيسية، وقدم المحاضر الرئيسي الأول البروفيسور حبيب بيدة عميد المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس مداخلة بعنوان «وصنع الفن الثقافة فهل تقتل «الثقافة» الفن؟» أظهر فيها أنّ بعض أشكال الفنّ الذي نسمّيه «معاصرا» هو بلا شك ينتمي إلى «ثقافة معاصرة» يمكن أن تسبب موت المفهوم الأساسي والحضاري للفنّ. وترأس الجلسة الأولى فتحي محسن من الجمعية العمانية لهواة العود،وقدم فيها الدكتور إيهاب حنفي من كلية الزهراء للبنات ورقة العمل الأولى بعنوان تقييم أثر الأعمال الفنية التفاعلية في عملية الإدراك والتذوق الفني لدى جمهور الفن، فيما قدمت الدكتورة ميمونة الزدجالية من قسم المناهج والتدريس بالجامعة الورقة الثانية بعنوان الصورة البصرية وضوابطها الشرعية والتربوية من منظور إسلامي. وقدمت الأستاذة خولة الفارسية من وزارة التربية والتعليم الورقة الثالثة بعنوان تقييم مناهج الفنون التشكيلية بسلطنة عمان في ضوء مفاهيم الثقافة البصرية ومهارات النقد الفني. بعدها ترأس الجلسة الثانية محمد اليحيائي من وزارة التراث والثقافة، حيث قدمت الدكتورة ريهام الرغيب من المعهد العالي للنقد الفني بقسم النقد التشكيلي بالكويت الورقة الرابعة بعنوان معايير تقييم الإنتاج الفني: حدود خصوصياته الثقافية. وقدم الدكتور ياسر فوزي من قسم المناهج والتدريس بالجامعة ورقة العمل الخامسة والتي جاءت بعنوان مداخل تقييم معلم التربية الفنية لإنتاج طلابه في ضوء متغيرات ما بعد الحداثة.
الحركة الفنية المعاصرة
وجرت مناقشة المحور الثاني في الجلسة الثالثة التي ترأستها البروفيسورة حسناء بوزويتة من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تونس. وقدمت الورقة السابعة كاترين ليزاك من جامعة دوفين بباريس وجاءت بعنوان سوق الفن المعاصر وظواهر العالمية، أما الورقة الثامنة فجاءت بعنوان البنية المركبة لسوق الفن المعاصر والتي قدمتها الدكتورة حبيبة القفصي، فيما قدم الدكتور سلمان الحجري من قسم التربية الفنية الورقة التاسعة بعنوان استراتيجيات تسويق الفنون العالمية ودورها في تكامل شخصية الفنان التشكيلي المعاصر. وجاءت الورقة العاشرة بعنوان فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي في التسويق لمؤسسات الفنون التشكيلية بسلطنة عمان قدمها علي الجابري من وزارة التربية والتعليم. وقدم أحمد الشبيبي من وزارة التربية والتعليم ورقته بعنوان واقع التسويق للمنتجات الخزفية بالسلطنة. وأخيرا كانت الجلسة الرابعة برئاسة الدكتور عبدالله الكندي عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، حيث قدم ورقة (العولمة الثقافية وتحديات التصميم في الحفاظ على الموروث الثقافي الإماراتي)، وقدم الورقة الثالثة عشر الدكتور محمد الرقيق من المعهد العالي للفنون الجميلة بصفاقس بجامعة صفاقس بتونس وحملت الورقة عنوان التجارب الفنية المعاصرة بين الموازنة الإعلامية ورهان السوق: مجموعة الفنانين البريطانيين الشباب. وكانت الورقة الرابعة عشرة عن التصوير الذهني لدى المتعلمين ودوره في تشكيل مفاهيمهم ومعتقداتهم العلمية قدمها الدكتور سليمان البلوشي من الجامعة، وقدم أسامة الجاويش من جامعة دمشق بسوريا الورقة الخامسة عشرة بعنوان (شبكة الوحدات) في التصميم الصحفي وأهميتها في نماذج من الصحف العربية المعاصرة. أما الورقة السادسة عشرة فجاءت بعنوان الشعار أو «صرخة المعركة» للعلامة التجارية وقدمها رياض الفخفاخ من كلية الزهراء للبنات.
الممارسات الفنية
يذكر أن المجموعة البحثية للفنون البصرية العمانية تأسست في 4 يناير 2015، وهي تهدف إلى الاهتمام بالتجارب والممارسات الفنية بالساحة العمانية، وإبراز قيمة دور عمان كأحد الحقول الفنية الهامة، والكثير من الفنانين التشكيليين والمصممين والحرفيين وأهل الفكر والثقافة الذين عملوا على تهيئة عالم متميز ومعاصر للفنون البصرية باختلاف موادها ومحاملها وخاماتها ومواضيعها لتمثل أفكاراً جديدة معاصرة، بالإضافة إلى البحث في الفنون من خلال مفهومها الواسع بوصفها ممارسة ورؤية وأسلوبا والتأكيد على أن معناها قائم على هوية شديدة الارتباط بالمعاصر، سواء أكان بين الفنان وعمله أم بين الأثر الفني والمتلقي أو بين التجربة الفنية والمؤسسات والهياكل الحاضنة لها بعد انجاز العمل الفني في ورشة الفنان. وتوضيح الصلة المتينة في نسيج الصورة المتولدة بين فكر الفنان العماني ومواده ورؤيته الذاتية لمجتمعه، وكذلك البحث في إشكالية الممارسة الفنية العُمانية المعاصرة وتطلعاتها المستقبلية من خلال مجموعة من التجارب الفنية في عمان بعرضها وقراءتها ونقدها، أي مقابلتها بين الحاضر والماضي والمستقبل بناء على نضج العمل الفني.