top of page

في ختام المرحلة الثالثة من شاعر المليون شاعران سعوديان يتأهلان إلى الحلقة ما قبل الأخيرة

لجنة التحكيم تؤهل الذيابي بـ47%

والجمهور يؤهل السكران بـ81% عن الحلقة الماضية

في الحلقة القادمة.. هل سيدافع المنصوري حامل البيرق في الموسم الـ6 عن اللقب؟

في مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي اجتمع ليلة أمس الثلاثاء خمسة شعراء في آخر حلقة من المرحلة الثالثة من "شاعر المليون" بموسمه السابع، وهم: سعد بن بتال، وسعود بن قويعان/ الكويت، فهد المري/ قطر، سامي العرفج/، وعبدالمجيد الذيابي/ السعودية؛ والذي أهلته لجنة التحكيم بـ47 درجة، مُنتقلاً بذلك إلى المرحلة الأخيرة من من المسابقة التي ستُقام على مدار حلقتين، أولهما في 10 مايو القادم، والثانية والأخيرة في 17 مايو، ليتوج الفائز حينها بلقب شاعر المليون، ويحمل بيرق الشعر.

وشعراء ليلة أمس لديهم أسبوع كامل من انتظار نتائج تصويت الجمهور لينضم شاعر منهم للمرحلة الأخيرة، حيث حصل سعد بن بتال على 46 درجة من لجنة التحكيم، وسامي العرفج 45 درجة، وسعود بن قويعان 45 درجة، وفهد المري 42 درجة.

وقبل البدء بأجواء الشعر، ومع بداية حلقة أمس، أعلنت مريم مبارك وحسين العامري عن الفائز بتصويت الجمهور عن حلقة الأسبوع الماضي، ففاز محمد السكران التميمي بـ81%، فيما غادر البرنامج سلطان الروقي من السعودية، وسيف الريسي من سلطنة عُمان، وضاري البوقان من الكويت.

وكانت لجنة التحكيم المكونة من د.غسان الحسن، حمد السعيد، وسلطان العميمي؛ قالت رأيها فيما قدمه الشعراء ليلة أمس، مُعتبرة أن ما قدمه الشعراء من قصائد كان بديعاً، فجميعهم كانوا متميزين، سواء بقصائدهم الرئيسة بموضوعاتها المختلفة وأبياتها التي تتراوح بين 10 أبيات و12 بيتاً، أم بقصائدهم الفرعية ذات الأبيات الخمسة، والتي حددت اللجنة موضوعها، وهو المسبار، ووزنها وهو المنكوس.

د. غسان الحسن خلال الحلقة أعرب عن فرحه بوصول شعراء حلقة ليلة أمس إلى مرحلة راقية من كتابة الشعر، وأشار إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن نقد أي نص شعري لا يعني بأي حال من الأحوال سوء النص وترديه، بل يعني أن النص مستواه عالٍ، وفيه من الجمال ما لا يعرف الشاعر ذاته.

آلية التنافس في الحلقة القادمة

كشف الناقد سلطان العميمي عن معيار الحلقة القادمة من مسابقة "شاعر المليون"، حيث طلبت اللجنة من شعراء الأمسية التسعة، بمن فيهم شعراء ليلة أمس الذين لم يتأهلوا؛ كتابة قصائد تتراوح بين 10 و12 بيتاً، على أن تكون حرة الوزن والقافية والموضوع. فيما سيتم الإعلان عن المعيار الثاني في الحلقة القادمة.

حيث سيكون في الحلقة القادمة الشعراء الفائزين حتى الآن، وهم: خزام السهلي، عبدالمجيد الذيابي، ومحمد السكران التميمي من السعودية، والشاعر الكويتي راجح الحميداني، والشاعرة الإماراتية زينب البلوشي، إلى جانب شاعر واحد من بين شعراء ليلة أمس.

من ناحية أخرى أشار العميمي إلى أن الفائز في "شاعر المليون" بموسمه السادس سيف المنصوري سيكون حاضراً، إما للدفاع عن لقب "شاعر المليون والبيرق، وإما لترك الفرصة أمام شعراء الموسم السابع. وقال العميمي: إن أراد المنصوري دخول المنافسة فعليه أن يكتب قصيدة تخضع للمعيار الذي تم طرحه.

الرميثي والمنهالي في شاطئ الراحة

عاد الشاعر راشد الرميثي إلى مسرح شاطئ الراحة ليلة أمس ليلقي قصيدة وطنية، إلى جانب نص عاطفي، كما قدم المنشد محمد المنهالي قصيدة وطنية، وهي من كلمات الشاعر عبيد بن قدران، حيث أنشد (لك يا وطن من عهد تلقانا أشاوس)، وأنشد أيضاً مجموعة أبيات من كلمات معالي علي سالم الكعبي الذي كان حاضراً في المسرح يتابع أحداث الحلقة باهتمام.

المسبار والمقدرة الشعرية

على بحر المنكوس ألقى الشعراء الخمسة أبياتهم التي تدور حول مشروع "المسبار" الذي أعلنت من خلاله الإمارات عن دخولها علم الفضاء واستكشاف المريخ، وهو الموضوع الذي طلبته منهم لجنة التحكيم في الأسبوع الماضي، فكتب سامي العرفج:

بعد دار زايد نمّت بشعبها الإصرار طبيعي ليا من الفضاء صار قبلتها

ولا بعد عام 2020 فيه أسرار لا جت نحر قمصان الكواكب وقدتها

عطت للريادة كلمة ما عليها غبار وهي تطول قبل تقول بالعزم غايتها

بمسبار أمل تنوي الإمارات سبر أغوار فضاء الكون والمريخ الأول بوجهتها

و"صنع في الإمارات" مختومه على المسبار فخر للعرف وانجاز يدعم مسيرتها

أما سعد بن بتال السبيعي فكتب:

نبي نطلق المسبار ونصافح المريخ رجالٍ يزيد عزومنا طيب قايدنا

الأمجاد نكتبها على صفحة التاريخ وعلى قمة المريخ نترك شواهدنا

وحنا نطيع الشيخ ونطيع أخوه الشيخ أوامر خليفتنا وحكمة محمدنا

لمسبارنا تشهد بلاد العجم والسيخ غزينا الفضاء وجهودنا من تعاضدنا

عدانا لهم كسر المهابات والتوبيخ وحنا لنا روس المعالي وزايدنا

فيما كتب سعود بن قويعان:

سنة واحد وسبعين من عيد الاستقلال إلى واحد وعشرين وألفين فيه دروس

نتاج الإمارات العظيمة من الأجيال ينافس على علم الفضا ما انتجوه الروس

قبل يُصنع التاريخ يُصنع من الرجّال عزم يقتلع من شجرة الحلم بيت السوس

لذا سُمي المسبار أمل والسما مدهال خليفة يشوف المجد ما ينشرى بفلوس

نزع كل ناموسٍ على وجه الأرض وقال نبا نسبر المريخ وانكمل الناموس

وقال عبدالمجيد الذيابي:

عن إطلاق مسبار الأمل بين المحصول غيوم العزوم يهل منها فخر وامجاد

‏زروع النجاح اللي تنامى نتاج عقول ثمرها تعلى سقف أماني وروس اشهاد

‏بالأقلام غطيتو سما المستحيل حلول نشوف المجره مسفره والنجوم بلاد

‏بعد دار زايد وجهت سيفها المسلول يبي يلتحف نور الكواكب عليه أغماد

‏من إخوان شما يزهر العالم المجهول بعد واحد وعشرين وألفين بالميلاد

وكان الختام مع فهد المري بأبياته:

على قدر أهل العزم والعالم يشوفون مع كل رمشة عين نقله ثقافيه

هنا في بلد زايد عيال البلد يرقون على سلم أفكار الزمن الابتكاريه

بعد مافتحتوا ف الفضاء بالعقول عيون أشوف الامل فينا يجدد .. هقاويه

من أيام قصر الحصن وأبناءكم يبنون هنيئاً لكم بالدوله الاتحاديه

تبنت نجوم الارض في شاعر المليون ومسبارها وصْل النجوم السماويه

النقاد أعضاء اللجنة قالوا إن أغلبية القصائد فيها بيتين حول المسبار، وبقية الأبيات ذهبت إلى المديح، كما كانت أقل قوة من القصائد الأساسية رغم ملامح الجمال فيها، والتي تبرز مواهب الشعراء. فبعضهم تميز فيما قدم من صور وتوظيف للعبارات، وبعضهم الآخر تميز في القافية والشاعرية، لكن اتفقت اللجنة على أن ما قدمه الذيابي كان الأفضل، ومن بعده يأتي العرفج.

قصائد الشعراء الرئيسة ..

العرفج.. غير مألوف

نص سامي العرفج أعجب د. غسان الحسن، ما دفعه لوصفه بأنه جميل للغاية، وأن الشاعر أثبت من خلاله أنه متمكن في قول الكلمة، وفي تكوين تسلسل متميز للنص، وفق البناء الفني الدقيق، حيث قال العرفج:

تلاشى الزبرجد والشفق عانق الأحداق وتساكب على محرابي الليل وأقمرتي

أهاجك صبا؟ وإلا بعث وجهك المشتاق أو استسقتك عيني من الوجد وأمطرتي

تراتيل طيف يجرد ثيابه الإشراق ليا هزت أنفاس الضيا غصني وطرتي

يضيق الفسيح بعين صبري على الاشواق ما كنّي زرعتك في خفوقي وحنجرتي

تعبت انتظر من كل عيني بصيص عناق وأتمتمك فِ دروب السهر لا تأخرتي

عليك العيون من الجوى دمعها الرقراق معه خايف اليا من تناثر تناثرتي

لو إني أعرف إنك على ذمة العشاق ليا طاحت عيوني على كفوفي أزهرتي

متى يعتق وصالك حنيني من الأوراق ما يكفي بجوف تراب روحي تجذرتي

رحلتي وصرتي في سنيني حديث فراق وعلى كل غصن من المواجع تعصفرتي

أبي تعلميني كيف أشيلك من الأعماق أو أطيرك كيف أقدر أهز ذاكرتي؟

وأضاف د. الحسن: إن الشاعر حين وصف الليل فقد جاء وصفه جميلاً، وتحديداً في البيت (تلاشى الزبرجد والشفق عانق الأحداق/ وتساكب على محرابي الليل وأقمرتي)، ففي هذا التصوير رومانسية موحية، وكذلك في البيت (تراتيل طيف يجرد ثيابه الإشراق/ ليا هزت أنفاس الضيا غصني وطرتي) حين وصف الشاعر الإشراق، محولاً الليل إلى نهار، والنهار إلى ليل. وأضاف: إن الشاعر لجأ إلى خلق مفردات خاصة به، مثل (أقمرتي)، وكذلك (تعصفرتي)، وهذا غير مألوف، أي اشتقاق الكلمة من الفعل. ثم علق د. غسان الحسن على كثرة التصوير المركب في أبيات الشاعر، إلى جانب التصوير الجزئي في كل بيت، ليؤكد كل ما أبدعه جمال القصيدة.

سلطان العميمي أشاد بجمال القصيدة كذلك، بما فيها من صياغات توضح موهبة الشاعر الذي اشتغل على كل بيت على حدة، وقال: إن مجمل الأبيات فيها تكثيف شعري، وزخم، وتزاحم في الصور الشعرية، وحتى في كل شطر، موضحاً أن القصيدة قديمة جددها الشاعر، وجعل بناءها جميلاً، وبمدخل متألق ينضح بالألوان ممثلة بالزبرجد الذي يدخل المتلقي في رؤية بصرية. واعتبر الناقد أن الافتتاحية كانت موفقة بما فيها من شاعرية كبيرة، كما الحال بالنسبة للبيت (أهاجك صبا؟ وإلا بعث وجهك المشتاق/ أو استسقتك عيني من الوجد وأمطرتي)، والبيت (لو إني أعرف إنك على ذمة العشاق/ ليا طاحت عيوني على كفوفي ازهرتي)، وقد ذكر هذا البيت الناقد ببيت لنزار قباني، ورأى العميمي أن التشابه جاء غير مقصود. وبشكل عام وجد أن الصور في صياغاتها جاءت جميلة، لتمثل القصيدة في مجملها مستوى الشاعر المبتكر والمتميز، وهو ما أكد عليه الناقد حمد السعيد الذي قال إن سامي العرفج مختلف في كل حالاته، ونصه العميق ينتمي إلى المدرسة الحديثة، بما يضم من صور مبتكرة، من المدخل وحتى آخر بيت، ومع أن موضوع النص مستهلك لكنه جميل بما فيه من صور تخص الشاعر وحده، كما الأمر بالنسبة للصورة في البيت (تراتيل طيف يجرد ثيابه الإشراق/ ليا هزت أنفاس الضيا غصني وطرتي)، والصورة في البيت (متى يعتق وصالك حنيني من الأوراق/ما يكفي بجوف تراب روحي تجذرتي)، إلى جانب الصور الشعرية الممتدة التي تحسب للشاعر، والتي تمثلت في البيتين (عليك العيون من الجوى دمعها الرقراق/ معه خايف اليا من تناثر تناثرتي)، و(لو إني أعرف إنك على ذمة العشاق/ ليا طاحت عيوني على كفوفي أزهرتي).

بن بتال.. توهج خاص

سعد بن بتال السبيعي ألقى قصيدة متميزة بما فيها من دلالات الألوان، ودلالات الصوت كما أشار الناقد سلطان العميمي. حيث بدأ الشاعر نصه بالأبيات:

صفير الريح ف الباب الحديد وفي جدار السور يشابه صوت فقدان الحنين لصاحبٍ غايب

يا صوت الغايب المرغوب لو مريت بين الدور نبت عشب الأماني ف الخفوق المخطي التايب

صدى الذكرى يمر بسر صدري والصدور قبور وانا ما قلت يا صوت الصدى ويش انت لي جايب

أحس إن الزوايا قاسية وإني بدون شعور وأشوف إن الصداقة شمع من قل الوفاء ذايب

أبنفض جوختي عن منكبي والواردات صدور أنا مانيب واقف في مكان الخايف الهايب

واستمر معاتباً:

رفيق العام عن تقصيرك الواجد معي مشكور أنا عذري شجاع إن رحت منك وخاطري طايب

يمرونك عشاشيق الكلام ولابسين الزور وترميني قدم ريح الظنون وتحسبك صايب

عذرتك ما لحقتك بالملام وقلت فيك قصور جبر كسر المشاريه الكبيرة خاطر الشايب

وختم نصه بالأبيات:

يا وجه الطيب في ضحكك مواسم من رضا وسرور حضر وجه العشم عن وجهك اللي ما حضر نايب

أبي بيني وبينك للسنين المقبلات جسور على كثر الأسي ما ابغى الصداقة قدرها سايب

أخذت آخر طموحات السنين وقلت وين النور ونفضت غبار صدمات الرفيق وظني الخايب

وحسب العميمي فإن الشاعر لجأ إلى أنسنة الأشياء غير الحية، مثل (صفير الريح، صوت فقدان الحنين، قدم ريح الظنون، يا وجه الطيب، حضر وجه العشم)، معتبراً أن ذلك من الأساليب التي تضيف للقصيدة توهجاً خاصاً، وتبعث فيها حياة من نوع آخر. والأبيات كما قال فيها عذوبة ومسحة حزن تتوازن مع غرض القصيدة بخاتمتها الجميلة (أخذت آخر طموحات السنين وقلت وين النور/ ونفضت غبار صدمات الرفيق وظني الخايب)، فالعلاقة بين النور والغبار ترتسم في مشهد شعري جميل ومميز.

حمد السعيد وجد النص جميلاً وراقياً، إذ جاء الشاعر مختلفاً في الإلقاء، وفي طرح العتاب العذب الحزين. كما أشار الناقد إلى مدخل النص المتميز والترابط الملفت بين أبياته، إلى درجة جعلته يعيش الحالة وكأنه في مكان مهجور، وكأن ما جاء هو صوت جوف سعد، فتصوير المشهد متميز كتميز العتب في البيت (يمرونك عشاشيق الكلام ولابسين الزور/وترميني قدم ريح الظنون وتحسبك صايب)، وكذلك في البيت (عذرتك ما لحقتك بالملام وقلت فيك قصور/جبر كسر المشاريه الكبيرة خاطر الشايب). وأشاد السعيد بأسلوب الشاعر الذي يسوق لطريقة تعامل الناس مع الأصدقاء، وبالختام الجميل والصور التي تحسب لابن بتال (أخذت آخر طموحات السنين وقلت وين النور/ونفضت غبار صدمات الرفيق وظني الخايب).

مطلع نص سعد نقل د. غسان الحسن إلى مكان آخر (صفير الريح ف الباب الحديد وفي جدار السور/ يشابه صوت فقدان الحنين لصاحبٍ غايب)، فثمة خصوصيات دقيقة فيه فطن إليها الشاعر والتقطتها بالذهاب إلى جزئيات الأمور التي توحي بالفقد والهجر والوحشة، في حين برزت المفارقة بين الراغب والمرغوب من خلال البيت (يا صوت الغايب المرغوب لو مريت بين الدور/نبت عشب الأماني ف الخفوق المخطي التايب)، وكذلك استعادة موقف عاشه الشاعر من خلال البيت (أحس إن الزوايا قاسية وإني بدون شعور/وأشوف إن الصداقة شمع من قل الوفاء ذايب)، والبيت (يمرونك عشاشيق الكلام ولابسين الزور/وترميني قدم ريح الظنون وتحسبك صايب). وأشار د. الحسن إلى أن الشاعر توجه إلى التسامح ببتين جميلين هما: (أبي بيني وبينك للسنين المقبلات جسور/ على كثر الأسي ما ابغى الصداقة قدرها سايب)، و(أخذت آخر طموحات السنين وقلت وين النور/ونفضت غبار صدمات الرفيق وظني الخايب)، وختم بالقول إن في النص جمالاً كثيراً لم أتحدث عنه كله.

بن قويعان.. ذكاء وحضور

الحضور المسرحي للشاعر سعود بن قويعان خدم النص، وأضاف إليه الكثير كما أشار حمد السعيد ، حيث تناول الشاعر قضية مهمة وبذكاء من المدخل:

ألا يا صاحِبَيِ الشعر وأحلامي وجيه أعراب على ركب الكلام ورحلةٍ مدري عن آخرها

بصدري كل ما أذن حنين الغايبين وتاب مشايخ ذكرياتي خاطبتني من منابرها

عليهم خايف جروحي تطيب وقلبي المرتاب يقول إن طابت جروح القصايد مات شاعرها

أنا بابٍ من الفرقا مسكر واسمعوا من باب صفات المؤمنين أجَلّ من شهرة مواكرها

معي جبريل والليلة عليّ من الإله حجاب قلوب الناس تبصرني وتسمعني مشاعرها

وجدت أم الكباير تمتلك قدرة على الإنجاب تجيب من الفتن ما يطعن الأمة بخاصرها

رجالٍ تلبس التقوى وتقتات ألسنه وألباب لذا لو تقرأ القرآن ما جاوز حناجرها

كبر عش الضلال وطائر النعاب صار غراب نعيقه يملي الدنيا ويسرق من جواهرها

تغذيه اليدين اللي تغيّر مثل جلد الداب بعد ماتسرج خيول الندامه في بناجرها

مفاتيحٍ من الفردوس وقفولٍ من الإرهاب تبيع المنْ والسلوى وتشريبه عساكرها

يسوق الراية السودا هواهم والهوى غلاب ومن لا طاوع إسلام الخوارج صار كافرها

لذا يا أمة الإسلام والحكام أسود الغاب ترى لا خير في أمة ما تحفظ قدر أكابرها

ففي المدخل استعار بن قويعان قصة النبي يوسف، وبعدها قال الشاعر (أنا بابٍ من الفرقا مسكر واسمعوا من باب/ صفات المؤمنين أجَلّ من شهرة مواكرها) وهو دليل على الفراق. كما دل بن قويعان على الحنين للغائبين في البيت (بصدري كل ما أذن حنين الغايبين وتاب/مشايخ ذكرياتي خاطبتني من منابرها). من جهة أخرى أشار الناقد إلى تحفظه على البيت (معي جبريل والليلة عليّ من الإله حجاب/ قلوب الناس تبصرني وتسمعني مشاعرها)، ومع أن الشاعر أوضح مقصده، وقبول الناقد ذلك المقصد، إلا أنه تمسك بتحفظه. فيما علق على البيت (وجدت أم الكباير تمتلك قدرة على الإنجاب/ تجيب من الفتن ما يطعن الأمة بخاصرها) الذي يرمز إلى شبكة أو دولة معينة، وهو بيت جميل كما قال، بالإضافة إلى البيت (رجالٍ تلبس التقوى وتقتات ألسنه وألباب/ لذا لو تقرأ القرآن ما جاوز حناجرها)، لكنه تمنى لو أن الشاعر استخدم مفردة غير (طائر) في البيت (كبر عش الضلال وطائر النعاب صار غراب/ نعيقه يملي الدنيا ويسرق من جواهرها)، لأن النعاب هو صغير الغراب، وختم بأن الشاعر حين قال (يسوق الراية السودا هواهم والهوى غلاب/ ومن لا طاوع إسلام الخوارج صار كافرها) فقد قدم رسالة مهمة بشكل جميل.

من جهته رأى د. غسان الإطراء الذي قدمه زميله تستحقه قصيدة الشاعر ذات الموضوع المهم، والتي أدرج فيها الكلمات بمعناها الشعري، وبما فيها من ظلال، ومن أثر هو أبلغ من المعنى النثري، فكلمات المطلع القليلة (ألا يا صاحِبَيِ الشعر) تساوي الكثير من الكلمات، وهنا استمد الشاعر الصورة من القرآن الكريم، فأخذ روح الكلام منه. كما أوضح الناقد أن في الشعر الكلمة بلفظها، والكلمة بما لها من معنى، وبالتالي يجب ألا يُهمل اللفظ والمعنى على حد سواء. أما عبارة (أم الكباير) فقد وظفها الشاعر في صورة أخرى بشكل متميز.

من جهة ثانية رأى د. الحسن أن الشطر (معي جبريل والليلة عليّ من الإله حجاب) فيه احتكاك مع ما هو محظور، وهو ما أثار حفيظة الناقد حمد السعيد.

وتابع: إن عبارة (طائر النعاب) أضفت على النص صورة رائعة، تمثلت في انقلاب الوظيفة والشكل، أي انقلاب لون النعاب من البياض إلى سواد الغراب، أما عبارة (يسرق من جواهرها) فقد عمقت توظيف صفات الغربان، وجاءت كدلالة عميقة على ما أراد الشاعر الذي جاء بقصيدة أبياتها رائعة طرب لها د. غسان.

الناقد سلطان العميمي قال إن اختيار الموضوع مهم، ودليل وعي الشاعر وحرصه على طرح تلك القضية، وما لفت انتباه الناقد أن الشاعر حول الإنسان إلى شيء، عندما قال (أنا بابٍ من الفرقا)، فكان ذلك موفقاً، بما في النص من بذخ وتميز وعمق في الدلالة والجمالية.

الذيابي.. جوهرة الأمسية

نص عبدالمجيد الذيابي كان جوهرة الأمسية كما وصفه د. غسان، حيث أن كل الأبيات التي جاء بها تحمل ما يستحق الإشادة، بدءاً من البيت الأول:

عزمت أهدم جدار الصمت وأبني للكلام جدار عليه أكتب تحيات الضمير الحي وأشواقه

ففي البيت عبارة مستلة من الدارجة، وقد تمكن الشاعر من الربط بين الشطرين الأول والثاني، فكان التدوير الذي جاء به رائعاً، وكذلك حشد الكثير من الجزئيات التي جاءت لخدمة البيت كاملاً، بما فيه من استعارة ونسج صورة مستقلة، ثم صور متتالية.

ومما جاء في القصيدة أيضاً:

كفخ قلبي على صوت الحنين اللي دعاه وطار تركلي ريشه الأول رهين وتل مسباقه

بعد نسج الربيع اللي يخيّط بالفياض أزهار فصخ ثوبه عن غصون الخريف وبعثر أوراقه

على حس الهنوف اللي تنهت غابت الأقمار وذاب الحسن فيها والتسامح ضاقت أخلاقه

عثت هوج الهبايب في جدايلها بدون خمار يميلها الهوا وعيونها للستر توّاقه

سماها خيّل البارود في عرضه وشب النار سبق وبله عليها صوت رعاده وبراقه

تحط ضلوعها من حب أهلها للقبور أسوار قتيلٍ تدفنه في صدرها ماتبكي فراقه

لقيت خدودها فيها من طيور الظلام آثار تشوف من اسمها حرفين والأحزان منساقه

تجاعيد الزمن تخفي وراها للبياض أسرار عطور الذكريات تفوح ما فكت لها طاقه

ولدها اللي تبرّه خيّب كبار الظنون وبار جرحها لين بكى عينها ما صان ميثاقه

تكن آهاتها وأنفاسها تسبيح واستغفار ترقب فارسٍ يقدم لها من صادق أعماقه

طواها الشوق في رجوى الغيور اللي يرد الثار وأنا ظني تبي تشتاق له وتموت مشتاقه

د. الحسن رأى أن البيت (بعد نسج الربيع اللي يخيّط بالفياض أزهار / فصخ ثوبه عن غصون الخريف وبعثر أوراقه) جاء كاملاً، وكل كلمة فيه لم تذهب هدراً، بحيث تضافرت مع سواها لأداء المعنى المركب، وبالشكل الذي يعطي صدمة واحدة تصل إلى المتلقي، وهو الأسلوب الذي تنتمي إليه القصيدة كلها، وهي التي تدور حول شخصية محورية موجودة في كل الأبيات. أما الصور فتؤدي خدمة للشخصية، وبالتالي فإن كل ما تولّد في الأبيات جعل القصيدة راقية ومتقدمة في كتابة الشعر.

ولعل هذا ما جعل الناقد سلطان العميمي يقول إن الذيابي مبدع. حيث لفتت انتباهه الصور التي ملأت كل الأبيات، بما فيها من دلالات حركية وصوتية كثيرة، خلقت توهجاً خاصاً للقصيدة التي ضمت عبارات في غاية الجمال، من بينها (كفخ قلبي على صوت الحنين، فصخ ثوبه عن غصون الخريف، عثت هوج الهبايب في جدايلها، سماها خيّل البارود في عرضه وشب النار، سبق وبله عليها صوت رعاده)، وهكذا يكون الشعر وإما لا كما قال العميمي.

حمد السعيد أشار إلى أن تأويل النص يتبع المتلقي، لكن الحاضر في ذلك النص دمشق وسوريا كما يدل الشطر (تشوف من اسمها حرفين والأحزان منساقه). ورأى الناقد أن هذا الموضوع يجب أن يكون حاضراً في النص بشكل أقوى، وخاصة بعد الأحداث الدامية التي مزقت حلب، كما رأى أنه من غير الصواب استخدام الشاعر مفردتي (ابنها، وبار) في الشطر (ولدها اللي تبرّه خيّب كبار الظنون وبار)، فمن يقتل الشعب ليس ابناً ولا باراً. ثم أشار السعيد إلى الجمال في البيت (عثت هوج الهبايب في جدايلها بدون خمار / يميلها الهوا وعيونها للستر توّاقه)، وكذلك إلى توظيف الصقر رمز الشموخ بشكل جميل في البيت (كفخ قلبي على صوت الحنين اللي دعاه وطار/ تركلي ريشه الأول رهين وتل مسباقه). ثم علق الناقد على صوت التشاؤم واليأس الذي برز في البيت الأخير (طواها الشوق في رجوى الغيور اللي يرد الثار/ وأنا ظني تبي تشتاق له وتموت مشتاقه)، وكأنه تمنى لو أن الشاعر لم يتبع ذلك الصوت.

المري.. بناء متماسك

قصيدة فهد المري - التي حظيت بإعجاب جمهور المسرح - كانت جميلة ومميزة وتصويرها الشعري دقيق حسب وصف سلطان العميمي، فهي ذات بناء متماسك من أولها إلى آخرها، إذ تمكن من التقاط المواقف بوضوح في الأبيات التي قالها الشاعر، وهي:

العام في ليلة حزن ماطره جات من تجعل الليل يتلاشى ظلامه

كنت الحزين ف الأندلس والسماوات تواسي أحزاني بدمع الغمامه

وكنت الغريب إيلين شفت الفتوحات نست على وجه الجميله علامه

ف عيونها باقي من الانتصارات ما يشعر فوادي بحسن الإقامه

حبيتها واشغلت بال المسرات من كثر مايعطيني مْن اهتمامه

وصلت لها فالقلب ثمان ركعات واستحوذت على بقايا هيامه

كان الوصل طفلٍ على حبنا بات وصاح الفراق وقوّمه من منامه

ما كنت احسب اللي ملى الذات لذات بفقدْه وابدفع غرامة غرامه

ورجعت لبلادي ومن كثر الآهات ما رافقتي ف الرحيل السلامه

أخفي الحزن وأوزع الابتسامات ومعد بقا على شفاي ابتسامه

وما أعجب العميمي توظيف الشاعر فتوحات الأندلس، والحديث عن الماضي، والمفردات الدالة على ذلك حاضرة رغم قلتها، والتي تتمثل في الحزن والغربة والدمع.

والقصيدة على المسحوب مثلما أشار حمد السعيد، وفيها تسلسل جميل وعاطفة تمثلت في البيت (كنت الحزين ف الأندلس والسماوات/ تواسي أحزاني بدمع الغمامه). وقال إن الشاعر حدد في ذلك النص الموقع والوقت والمناخ (العام في ليلة حزن ماطره جات/ من تجعل الليل يتلاشى ظلامه)، فيما أبدى في البيت (وكنت الغريب إيلين شفت الفتوحات/ نست على وجه الجميله علامه) جمال الملامح العربية، وكذلك في البيت (ف عيونها باقي من الانتصارات/ ما يشعر فوادي بحسن الإقامه).

وشرح السعيد الشطر (وصلت لها فالقلب ثمان ركعات)، وهو إشارة إلى ما يسمى صلاة الفتح ذات التسليمة الواحدة. وختم بأن حزناً واضحاً في ذلك النص، والذي رأى فيه د. غسان الحسن إشارة إلى الفتوحات والانتصارات التي تحدث عنها الشاعر الذي نجح في تدوير القصيدة، فمثلما بدأ بالحزن، فقد انتهى إليه.

bottom of page