top of page

رفقا بالبسطاء


لاَ تَأخُذُ العِلمَ مِن صُحُفِي ولاَ القُرآنَ مِن مُصحَفِي! نُقِلَ عن الخطيب البغدادي يرحمه الله تعالي قوله: لا تأخذوا العلم إلا من أفواه العلماء، وقال: الذي يأخذ العلم من الكتب يقال له الصحفي، والذي يأخذ القرءآن من المصحف يقال له مصحفي!

وأنه حتما يجب على طالب العلم أن يحصل مفاتيح العلم الأساسية، أي أن يحصل المواد الأساسية من نحو وصرف، و قراءة الكتب الأساسية في العلوم المختلفة كالفقه وأصوله، والحديث النبوي وعلومه، والقرآن الكريم وفنونه، كل ذلك لابد فيه من التلقي عن الأساتذة الثقات والتتلمذ علي يديهم مباشرة عن طريق المشافهة، والرحلة في طلبهم إذا اقتضى الأمر، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التوسع المعرفي والتخصص في فن من الفنون تدقيقا وإتقانا، لاسيما ونحن نعيش عصر التخصصات المعرفية المتعددة، سواء تعلق الأمر بالدراسة النظامية أم الدراسة المفتوحة!

ولذلك فمجرد قراءة نص من النصوص وإعادة نشره علي الناس والتشبث بما جاء فيه، شئ عبثي، يقع فيه كثير من الناس علي مواقع التواصل الإجتماعي الكثيرة. ومما هو معروف أنه تختلف معني كلمات معينة في بلد عن مثيلاتها في بلد آخر فقد تكون مدحا في بلد ولكنها ذم في بلد آخر، ومن ينقلون لا يراعون هذا الإختلاف.

وفي بلادنا علي وجه الخصوص، تنتشر علي صفحات التواصل الإجتماعي بكل أشكالها، رسائل تحذير وتحريم لكل من يتبادلون كلمات معينة ومن خطورتها على الإسلام وعلى العقيدة، ومنها: تحريم من يقول (ربنا يخليك ليا)! فمن يقول لمن يحبه (ربنا يخليك ليا) لا يقصد أبدا أن (ربنا يتخلي عنك)!

كما يحذر بعض المشايخ والناقلين عنهم دون تدبر وفهم دقيق! فالفرق كبير بين (يخليك) و(يتخلي عنك)! فمعني (يخليك) أي يبقيك ويديمك، أما (يتخلى عنك) تعني الابتعاد وهذا ما لا يقصده من يقولون هذه الجملة.

وجملة (لا حياء في الدين)، المقصود منها أنه لا استحياء ولا خجل في السؤال عن أي موضوع فيه إشكالية في الفهم، ولكن بلياقة وأدب وذوق وحسن اتباع، وليس كما يقول الناشرون الناقلون، أنه لا يجوز أن نقول لا حياء في الدين فالدين كله حياء! والفرق أيضا كبير بين: لا حياء، يعني لا أدب! ولا حياء بمعني لا خجل ولا حرج في أي سؤال مع الأدب واللياقة!

وجملة (رمضان كريم) التي تعود الناس أن يتبادلونها بينهم بقدوم شهر رمضان، فيقول هذا لصاحبه رمضان كريم، فيرد الآخر الله أكرم، وهذا يعني أن كليهما يعلم يقينا أن الله هو الكريم، وأن رمضان شهر يزيد فيه الجود والكرم والخير! والصاحبان يعبران عن مشاعرهما الحقيقية مع الإعتقاد الكامل بأن الله صاحب الكرم والجود والخير كله.

أما إذا فسدت عقيدة الناس، و كان كلامهم موافقا لفساد عقيدتهم وضعف دينهم، كمن يؤمنون بحركة النجوم والأفلاك ويظنون أنها التي تسبب تغير الطقس والأجواء، ويقولون كلاما فاسدا، ينسب فيه العمل لغير الله، فلا شك أنه كلام كفر وشرك بالله تعالي، لا شك في ذلك.

أحبتي.. تتلمذوا علي يد شيخ عن شيخ، حتي تتعلموا وتفهموا، ولا تأخذوا العلم إلا ممن تتلمذ علي يد شيخ عن شيخ، (والفيديوهات متاحة كوسيلة للجلوس عند شيخ للتعلم منه بشرط أن تكون المحاضرة كاملة وغير مجتزءة)! ثم انشروا بعد ذلك طبقا لهذه المعايير الضرورية، و لابد من الترفق مع البسطاء خصوصا ونحن نعلم نياتهم، ولا تنسوا ما قاله الخطيب البغدادي، يرحمه الله تعالي: لاَ تَأخُذُ العِلمَ مِن صُحُفِي ولاَ القُرآنَ مِن مُصحَفِي!

Comments


bottom of page