يختلط الناس ويتعاملون فيما بينهم وتتشكل المكونات الاجتماعية بداية من الأسرة ونهاية بالمجتمع والمجتمعات التي تشكل الأمة وفى كل تلك المكونات يكون الفرد هو الأساس وهو القوة الفاعلة في حراكها ونشاطها الاجتماعي لان الإنسان هو المكون الأساسى للأسرة و المجتمع ولولا مجموع الأشخاص لما تكونت الأسر ولولا مجموع الأسر لما تكونت المجتمعات ولهذا فان السلوك الشخصي يؤثر بشكل او بآخر على الأسرة والمجتمع سلبا وإيجابا فان تدهورت أخلاق أفراد الأسرة تدهور ما دونها من مكونات اجتماعية وان تحسنت تحسن كل ما يرتبط بها من محيط اجتماعي متنوع.
و يجتهد بعض الناس في أن يكونوا مواطنين صالحين في أسرهم ومجتمعاتهم لان لصلاحهم مردود اقتصادي واجتماعي ايجابي على حياتهم وحياة من يرتبطون به بعلاقات اجتماعية واقتصادية مختلفة ليس هذا فحسب بل و لأنهم يؤمنون بان جزاء العمل الصالح عظيم عند الله وعلى رأس تلك الأعمال الصالحة نفع الناس وقضاء حوائجهم ومساعداتهم على تجاوز محنهم وكل ما تعسر عليهم في حياتهم من أمور وليس المقصود بالعمل إلا وجه الله والطمع برضاه والفوز بجنته مهتدين بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''أحبُّ النّاس إلى الله أنفعهم للنّاس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه دَيْنًا أو يطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحبّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا ومَن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومَن كَتَم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاهُ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومَن مشَى مع أخيه في حاجة حتّى تهيّأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام'' حديث صحيح.
وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومَن يسّر على مُعْسِر يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه وأوجه الخير التي ترتبط بمحبة الله كثيرة لا حصر لها وكلها تصب في صالح الإنسان كفرد وفى صالح الجماعة كاسرة أو كمجتمع لان محبة فعل الخير وتقديم المساعدة ومد يد العون للناس دليل على محبة المرء لربه والإيمان به مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) والمحبة التي يروج لها الإسلام هي المحبة الخالصة لوجه الله التي منها تفيض كل أنواع المحبة الأخرى والتي منها محبة الدين والوطن والناس ومن هنا نكتشف علاقة الجانب الاجتماعي و الإنساني بالعقيدة والإيمان وما يمكن أن يقدمه المواطن لنفسه ولمجتمعه فالإنسان المؤمن هو الخالي من الأمراض الاجتماعية كالحسد والحقد والنميمة والكذب بطبيعة سلوكه الانسانى إضافة لما يتمتع به من رادع ووازع ديني وضمير مستيقظ على الدوام يحرض على فعل الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
ومن أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى: أن تقضي عن مسلم دَيْنًا، فالله تبارك وتعالى جعل للغارمين نصيبًا في الصدقات المفروضة، وجعل لهم حقًا معلومًا في مال الأغنياء، كما قال تعالى: ''إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ'' والغارمون هُم مَن رَكِبَتهُم الديون ولَمْ يَجِدوا لها وَفَاء، فأهل الأموال مطالبون شَرْعًا بقضاء دَيْن الغارمين.
ولقد نَفَى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الإيمان عَمَّن باتَ شبعان وجاره جائِعًا، فقال: ''ليس المؤمن بالّذي يشبَع وجاره جائِعٌ إلى جنبه.
أليست هذه كلها قيم اجتماعية راقية ونبيلة اختصر علينا الإسلام جهد البحث عنها وعلمنا إياها كي يهذب أخلاقنا ويرتقى بوعينا الاجتماعي ويسمو بأرواحنا ويطهرها ويغرس فينا قيم التكافل الاجتماعي والشعور بآلام الناس وظروفها وتحسس أحوالها.
ما أحوجنا كمواطنين إلى هذه القيم المجتمعية التي تضمن لنا الحياة الكريمة الخالية من كل أشكال العنف والقهر والتخلف والتيه والأمراض النفسية التي تدفع بالناس للقنوط واليأس والانتحار ما أحوجنا للتمسك بقيمنا الاجتماعية الإسلامية القيم التي انزلها الله لنا في محكم آياته والتي جاءت على لسان رسوله الكريم ولئن فعلنا هذا أو بعض منه فإننا لن نحتاج إلى مراكز للشرطة ولا للسجون لان ضمائرنا هي من يكون رجال الشرطة والقيم النبيلة والفضيلة هي من تكون السجون.
Comments