top of page

مبادئنا على حافة الهاوية


صبري قد نفد، ولم أعد أحتمل ما آراه من هراء وسخافات على أحد برامج الإنترنت، ألا وهو “التيك توك”. فما الذي جرى لنا؟ أين ذهبت مبادئنا؟. أخلاقنا طمست في الطين، وشيعناها إلى مثواها الأخير. أصبحت عقولنا يرثى لها، مليئة بالغبار الذي غطى وأسدل الستار عن قيمنا، وأظهر ما فينا من تفاهة بذيئة، ورفعنا شعار “قوتنا في تفاهتنا”!!.

وكما يبدو أن هذه البرامج تحاول أن تسرق حياتنا بأيدينا، والغريب في الأمر أن أغلب من يستخدمون هذه البرامج هم أبناء الريف المصري، والمعروفون بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة والتي توارثناها عبر التاريخ، ولديهم ثوابت كان لا يستطيع أحد الاقتراب منها. ولكن تمكن برنامج إلكتروني من غزو عقولهم وإدخال ثقافة جديدة وغريبة عليهم لينهي بها على هويتنا الثقافية.

فتظهر أسرة بأكملها على “التيك توك”، يعرضون علينا موهبتهم العقيمة، وكأن المصريين بأكملهم أصبح لديهم موهبة الغناء والتقليد، حتى أن البرنامج لم يحرم كبار السن من المشاركة، فكان لهم النصيب الأكبر من مسرح العرض، يظهرون لنا في منزلهم البسيط ، وبملابس النوم ليبدأوا في عرضهم المثير للشفقة. فانقض “التيك توك”، بأنيابه على خصوصيتنا. فإذا أصبح الكبار منغمسين في هذا البرنامج، من الذي سينصح الصغار؟

فالجميع بدأ يبحث عن الشهرة، ليتحول البشر إلى سلعة، مروجين لها بالملابس الفاضحة أو الرقص الماجن، حتى يشبعوا بها رغبتهم في النجاح المزيف. والأدهى في الأمر هو ظهورهم في صورة توحي بأنهم لديهم الحرية المطلقة. دعوني أقول لكم: إنكم مهما فعلتم، وكيفما ظهرتم بالمثالية المشبوهة، فهذه الصورة لم تخلق لأمثالكم. “فلكل مقام مقال”.

إنني أعتبر أن جميع برامج التواصل الاجتماعي في كفة و”التيك توك”، في كفة بمفرده، وهذا لأنه نجح في إظهار مدى تخلفنا وضعفنا ورجعيتنا، ففي ظل تقدم الدول الأخرى علميا وثقافيا، ننشغل نحن في تحطيم ثقافتنا.

ولذا يعتبر هذا البرنامج خطرا جسيما على مجتمعاتنا، لما له من تأثير سلبي طويل المدى على مستخدميه ثقافيا ونفسيا وماديا. فكنا في السابق نرمي اللوم على برنامج التواصل الاجتماعي الشهير “الفيس بوك”، على أنه حطم العلاقات الأسرية والاجتماعية وأدى إلى العزلة، ولكن تميز “التيك توك”، عن غيره من البرامج بأنه تمكن من تعزيز العلاقات الأسرية، فأصبحت الأسرة تجتمع مع بعضها البعض لعرض “شو هزيل” من خلاله، ليكون “التيك توك”، من لم شمل الأسرة المصرية.

وباتت وسائل التواصل الاجتماعي شيئا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه. فهي اليوم ساعدت على تحقيق التواصل والتعارف بين الشعوب، ولكنه تواصل خالٍ من الأخلاقيات والقيم. ولا يجب أن تلام الوسيلة، فالملام الأكبر هو المستخدم لهذه الوسيلة، والذي استغل هذه البرامج أسوأ استغلال آذيا بها نفسه وغيره. فهل أصبحنا مرضى نفسيين؟ أم أن لجوءنا إلى مثل هذه البرامج هو سبب للفراغ الذي نعيش فيه؟ سأترك الإجابة لكم..

Comments


bottom of page