يحتضن قصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر، معرض "مواريث إفريقيا الثقافية غير المادية"، وذلك بهدف التعريف بالتراث الثقافي غير المادي المسجَّل بوصفه تراثاً إنسانيّاً، بموجب الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي لليونسكو لسنة 2003.
وتحوز 27 دولة إفريقية، على عنصر أو أكثر، ضمن تلك القوائم. وقد اختار منظمو هذا المعرض الذي يستمر إلى 6 يونيو المقبل، الاحتفاظ بعنصر رمزي من كلّ بلد، حيث يُمكن للزوّار أن يطّلعوا على نماذج تُمثّل مجالات التراث غير المادي، على غرار التقاليد، والممارسات الاجتماعية، والطقوس، والأحداث الاحتفالية، والمعارف والمهارات، والمعارف والممارسات المتّصلة بالطبيعة والكون.
وتُشكّل تلك الكنوز قوام الهوية الثقافية لإفريقيا، التي تقوم على دعائم متنوعة؛ حيث يعتمد بعضها على فنون القول، في حين يتّكئ بعضها الآخر على الموسيقى، بينما يعتمد نوعٌ ثالث على الرقص وممارسة طقوس أخرى. وتجتمع كلُّ تلك العناصر في كونها نابعة من المخيال، والإحساس، ومن رؤية العالم، كما أنّها تهب نفسها للنظر، والفهم، والحب، بوصفها منتجات الروح، والتعبيرات الجمالية التي تحاول أن تعرض وتصف ثقافات ناتجة عن أصفى ما في الإنسانية، وذلك من أجل المشاركة في صياغة ثقافات العالم، وغاية العيش معاً ضمن أطر الاهتمام المتبادل.
ويُقدّم معرض الجزائر ذلك التراث في شكل لوحات مصوّرة كبيرة الأحجام، تُمثّل كلّ واحدة منها، أحد تلك العناصر المسجّلة ضمن تراث اليونسكو. وقد ارتأى المنظمون أن تُرفق تلك اللّوحات بنصوص شارحة، وتسجيلات صوتية محمولة بواسطة دليل صوتي، وأشرطة وثائقية مدتها عشر دقائق، مخصّصة لكلّ عنصر ثقافي. واعتُمد في جمع تلك المعلومات على مصادر توثيقية لليونسكو، وهي معروضةٌ بثلاث لغات: العربية، والفرنسية، والإنجليزية.
ومن اللّوحات التي يُقدّمها المعرض ملحمة السيرة الهلالية، التي تُمثّل جزءاً من التراث غير المادي في مصر، وقد تمّ تسجيلها في اليونسكو سنة 2008، بوصفها قصيدة شفهية، تُسمّى كذلك "الملحمة الهلالية"، وهي تحكي تاريخ قبيلة بني هلال الرحّل، وهجرتها في القرن العاشر من شبه الجزيرة العربية إلى شمال إفريقيا، وكيف سيطرت هذه القبيلة، خلال أكثر من قرن، على إقليم شاسع من وسط إفريقيا الشمالية.
وقد بقيت "الملحمة الهلالية"، من بين كلّ القصائد الملحمية العظيمة للتقاليد الشعبية العربية، محافظة على أسلوب أدائها في شكلها الموسيقي الكامل. كما يتمُّ عرض لوحة حول مهارات نساء سجنان في مجال صناعة الفخار (تونس)، وهي مسجلة في اليونسكو سنة 2018، فضلاً عن مجموعة ملاحم تهيدين الموريتانية (مسجلة في 2011)، وساحة جامع الفنا المغربية (مسجلة في 2008). أمّا من الجزائر، فيُقدّم المعرض أكثر من لوحة، تُمثّل أهليل قورارة، وزي الزفاف التلمساني، والإمزاد، وركب سيدي الشيخ، والسبيبة، والسبوع، وكيّالين الماء، وهي كلّها من التراث المسجّل في اليونسكو بين سنوات 2008 و2018، كما يتمُّ عرض لوحتين تمثّلان التقطار، وحليّ منطقة آث ينّي، وهما موروثان تقوم الجزائر بإعداد ملفين خاصين بهما لتقديمهما إلى اليونسكو، بهدف إدراجهما ضمن التراث الثقافي غير المادي لإفريقيا.
Comentarios