top of page

هل نهدر مواردنا بأيدينا؟


الأبطال والموهوبون في كل المجالات ثروة حقيقية لأي بلد، وتتسابق دول العالم إلى رعاية موهوبيها وأبطالها، ولاسيما إذا كانوا قد اجتازوا اختبارات صعبة، وحققوا إنجازات فعلية في ساحة المنافسات الدولية الكبرى التي لا يقف الشخص على منصة المنافسة فيها إلا إذا كان يمتلك مؤهلات نادرة، فما بالنا إذا وقف هذا الشخص على منصة التكريم متغلباً على عشرات من الأبطال من كل مكان في العالم؟

الأبطال الرياضيون كنز مادي ومعنوي، والعائد على استثمارهم لا يُقدَّر بثمن، وإهمال طاقاتهم وقدراتهم تفريط بأثمن ما تملكه الدول الأمم: مواردها البشرية الرفيعة والنادرة. ومن الخطأ أن تكون مصر من بين الدول التي تهدر مواردها، وخاصة في هذه المرحلة التي نشهد فيها تطلعاً إلى نهضة شاملة تعيد لمصر دورها الريادي، وتعزز مكانتها وصورتها العالمية.

محمد شعبان إمبابي بطل مصري حفر طريقه بأظافره، ونحت في الصخر بالمعنى الحرفي للكلمة، وبذل من جهده ومن عرقه ومن أمواله القليلة كل ما يملك، ليحقق مستوى رياضياً عالياً جعله من المعدودين في رياضة كمال الأجسام على المستوى العالمي، وقد نجح الشهر الماضي في تحقيق إنجاز هائل بكل المقاييس، وهو الفوز بالمركز الثالث في بطولة العالم للمحترفين برومانيا، متغلبا على أكثر من عشرين بطلاً من كل أنحاء العالم، ولم في البطولة أي لاعب مصري أو عربي سواه.

قبل هذا الإنجاز حقق محمد شعبان مراكز متقدمة جداً في كثير من البطولات الإقليمية والعالمية، وفي كل هذه المسابقات كان يشارك على نفقته الخاصة ويقتطع من دخله القليل أموالاً للتدريب والتغذيه والسفر والإقامة في دول مختلفة من العالم، وهو الأمر الذي يستهلم دخله كله تقريباً. وبدلاً من أن يتلقى محمد شعبان الدعم من المؤسسات الرياضية المسؤولة، فإنه كان يواجه بتعقيدات وعقبات، ولكنه لم ينهزم ولم يعرف اليأس طريقاً إلى قلبه.

يتدرب محمد شعبان ليل نهار، لأن البطولات العالمية لا تعرف المزاح، ولا تسمح بأقل درجة من التكاسل أو التوقف، والمنافسون يصلون إلى المسابقات الدولية مدعومين بالمال والدعاية والتشجيع من المؤسسات الرياضية في بلدانهم التي توفر لهم كل ما يحلمون به، فيما كان محمد شعبان يصارع كل الظروف وحيداً، عدا مرات قليلة كان يتلقى فيها دعماً معنوياً من المسؤولين المصريين في الخارج، وهو يذكر دائما أن السفير المصري في رومانيا والدكتور عبدالله مباشر كانا إلى جواره في المسابقة الاخيرة في رومانيا، وبذلا ما بوسعها لتشجيعه ومساندته.

بعد حصول محمد شعبان على المركز الثالث في رومانيا عاد إلى مصر في إجازة من عمله مدرباً لكمال الأجسام، وقد احتفل به أهل قريته كما كرَّمته جهات مختلفة تكريماً معنوياً ترك صداه الطيب، واهتم به الإعلام الرياضي وتحدث عن إنجازاته، والتقى محافظ الدقهلية الدكتور كمال شاروبيم ووزير الشباب معالي الدكتور أشرف صبحي ومن دون شك فإن مثل هذه اللقاءات لفتة كريمة وطيبة، لكن كل هذه اللقاءات لم تُترجم إلى خطوات عملية لدعمه ومساندته في تحقيق حلمه الكبير بالفوز ببطولة العالم في كمال الأجسام؟ يطمح محمد شعبان إلى الفوز ببطولة مستر أولمبيا، البطولة الأكبر والأهم في كمال الأجسام في العالم، وهو مستعد للتضحية بكل ما يملك ليرفع اسم مصر في هذه المسابقة التي يتابعها العالم، لكنه لن يستطيه تحقيق هذا الحلم وحده، ودون مساندة مستمرة وكافية من جهة صاحبة إمكانيات كبيرة. وإذا عرفنا أن بند التغذية وحده يحتاج إلى 18 ألف جنيه شهرياً، فلنا أن نتصور العب الذي يتحمله البطل المصري المتواضع الدخل.

محمد شعبان تفصله عن البطولة الكبرى خطوة واحدة، ونحن لا نتحدث عن بطل يحتاج إلى الدعم في طريق طويل ومكلف، بل نتحدث عن بطل جاهز تماماً، ويحتاج إلى من يعاونه في الخطوة الأخيرة فقط.

إننا نتطلع إلى أن تتكفل القوات المسلحة المصرية، الغيورة على سمعة مصر والحريصة على رفع اسمها عالياً، بنفقات محمد شعبان ومتطلبات تدريبه إلى أن يحقق هدفه، ويفوز باسم مصر في بطولة مستر أولمبيا. كما يمكن لشركات البترول المصرية أن تقوم بهذا الدور، وهي شركات وطنيه تنفق الكثير في أنشطة خدمية مهمة، ورعاية بطل رياضي مثل محمد شعبان تحقق حلماً مصرياً يضيف إلى رصيد بلدنا الغالي. وما تنفقه القوات المسلحة أو شركات البترول في هذه المهمة لا يقارن بالفوائد المترتبة على فوز البطل المصري ببطولة مستر أولمبيا، وهو يملك كل الغمكانات التي تؤهله لذلك.

هذا واجب وطني تجاه مصر وتجاه الموهوبين والأبطال من أبنائها، فهل هناك من سيحقق هذا الحلم؟

Comments


bottom of page