سألني أحد الأصدقاء: هل يستطيع الكاتب أن يكتب ما يشاء؟ وأن يرسم الرسام ما يشاء؟ وهل يستطيع رجل الشارع أن يصرخ ملء فمه بما يشاء من الكلام؟
وأردف قائلا قد يجيبنا بعض الناس بـ... لما لا، وقد يجيبنا البعض الأخر بـ...لا بينما، الفجوة ما بين القبول والرفض والـ ...نعم والـ ... لا قد تكون عميقة وقد تكون كشق البيضة الذي لا نكاد... نراه بالعين المجردة.
لا مجال لمنع الكاتب من الكتابة إلا إذا كتب ما يخل بالأدب ويتعارض وأخلاقيات الكتابة وما يثير الفتنة ويوقظ نعرة التعصب والتطرف أو أن يسيء إلى الدين ورموزه من أنبياء ورسل وخلفاء راشدين وملائكة عن قصد.
والرسام أيضا لا أحد يمنعه من أن يرسم ما يشاء إلا إذا رسم ما يسيء للذوق العام من رسومات جنسية لغرض ترويجها أو رسومات سخرية تتناقض وأخلاقيات الفن الرفيع والقصد النزيه لرسالة الفن.
كما أنه لا يحق للرسام أن يرسم ما يحث به على الرذيلة والفتنة والفساد.
كما أن لرجل الشارع العادي أن يتكلم بحرية مطلقة ولكن ليس بما يضر به الناس من شتم وسب وصراخ مزعج ونميمة وهجاء وقذف للمحصنات الغافلات أو أن يجاهر بالفتنة والمعاصي ما بين الناس.
يقول صاحبي إذن الحرية الشخصية محدودة ومؤطرة ولا توجد حرية مطلقة في الدنيا على الإطلاق ، الحرية هي التي حددت الأخلاق حدودها وبينت القوانيــن براحها وعبر عنها البعض بالقول "أنت حر ما لم تضر" ولأن الأمر كذلك فان الإنسان سواء كان كاتبا أو رساما أو أنسانا عاديا ليس حرا في أن يؤذى غيره وليس حرا في أن يعبر عن ذاته بالإساءة إلى ذات الآخرين لان في ذلك اعتداء عليهم.. والله سبحانه وتعالى يقول: "ولا تعتدوا".
الحرية التي يتطلع إليها الإنسان هي حرية الذات والبدن والعقل وحرية الذات تتمثل في حرية امتلاك زمام النفس والسيطرة عليها.
وحرية البدن هي حرية تمتع البدن بحرية الحركة والعمل والتنقل والسكن وممارسة حق الحياة بشكل طبيعي متوازن.
أما حرية العقل فهي حرية الرأي و التفكير والإبداع والتعبير والتألق وكل ما شابه ذلك في إطار احترام رأى و تفكير وإبداع و تعبير وتألق الآخرين، وإن كانوا مختلفين ومتناقضين مع ما نفكر به ونبدعه ونعبر عنه.
الحديث عن الحرية الشخصية والإبداعية في بعض بلدان العالم "ادعاءا" مفخخ بالكذب وملغم بالتآمر في توجيه التهم وإدانة الآخرين بكبت الحرية ووئد الديمقراطية ، بينما الواقع شيء مختلف تماما حيث تقترن الحرية عندهم بجرائم القتل وإرهاب الناس وجرائم الاغتصاب و العنف ضد المرأة والإباحية الجنسية والأطفال الغير شرعيين والتفكك الاجتماعي والتفسخ الاخلاقى وغيرها من مظاهر الانفلات لا الحرية.
قد يختلف مفهوم الحرية الشخصية من بلد إلى بلد آخر ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى ولكن من الواجب أن تتفق الإنسانية على مفهوم واحد للحرية لكي تتمكن من رؤية واضحة وسياسة واحدة اتجاه ما تعنيه الحرية وما تعبر عنه ومتى يكون الإنسان حرا ومتى لا يجب أن يكون.
Commentaires