top of page

مرام محمد تكتب: المشاغبون والتعليم


التعليم هو أسمى شيء في الوجود، به نبني أجيالا يمتلكون سلاحا، ليشيدوا ويعمروا وينهضوا بأوطانهم. فالفكر والثقافة هما السبيلان الوحيدان للوصول إلى القمة والنجاح. فنجد قرى بلا مدارس وبلا تعليم، سيطر فيها الجهل على الجميع، وعاش فيها الناس في غفوة، سرقت حينها حياتهم مع سبق الإصرار والترصد. فما بالك بدولة بأكملها تعاني من خلل في التعليم على مدار سنوات عديدة، تعطلت فيها جميع بوادر التقدم والنماء؛ فلم ينجح أحد.!

عانى مجتمعنا طويلا من إهمال في التعليم من كافة النواحي، سواء في نقص عدد المدارس، وعدم المحاولة لتشييد عدد إضافي يواكب التزايد السكاني المتسارع، أو حتى عدم المحاولة لتطوير المنشآت القائمة وتوفير مقاعد جديدة للطلبة وتجديد وتطوير المناهج القائمة والتي لازالت تناسب أكثر أطفال الجاهلية، ولم يتم تطوير المعلم ورفع كفاءته. فماذا كانت النتيجة؟!

ظهر لدينا طالب كالرجل الآلي تم برمجته على مدار سنوات عديدة على نظام “احفظ وصم وغش في الامتحان”، فنجحنا أن نجعله طبيبا ولكن طبيب فاشل وجاهل، عقله وفكره مشوش، فقد تآكل نظام برمجته، ونما لدينا بعض المعلمين، الذين مات ضميرهم وأصبح همهم الوحيد هو الحصول على الأموال التي لم توفرها لهم المدرسة، فكانت النتيجة هي أن يلجأ المعلم للدروس الخصوصية كمصدر ربح آخر، فيقوم بإخفاء أهم المعلومات عن طلابه في المدرسة ولا يعطيهم سوى الفتات؛ حتى يضطر الطالب أن يأخذ عنده درس خصوصي ليحصل على المعلومة الكاملة التي أخفاها عنه. وبهذا أصبحت المدارس فارغة من الطلبة والمعلمين، فيذهب المعلم إلى المدرسة للتوقيع على الحضور ثم يغادرها مسرعا. فعلى ماذا إذا تتقاضون رواتب عملكم في المدارس، فأنتم لا تذهبون إليها ولا تشرحون فيها، فالمدارس أصبحت فارغة، "لا معلم ولا طالب"!

حقا قد تحول العلم إلى تجارة، فلم يعد الهدف هو التثقيف والتعلم، بل أصبح وسيلة للكسب المادي غير المشروع. ومع الأيام أصبحت هذه التجارة “مغشوشة”… فبدأ غير المتخصصين وغير الدارسين في كلية التربية، يعطون دروسا خصوصية، خاصة وأنها أصبحت مهنة “بتكسب كويس”.. فلا تتعجب إذا رأيت خريج كلية صيدلة يعطي درسا خصوصيا. والأجمل أننا أصبحنا نرى عددا من المعلمين يعطون دروسا خصوصية في أكثر من مادة يختلفون تماما كليا وجزئيا. ففي نفس "السنتر" ستجد نفس المعلم الذي يعطيك مادة اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والرياضيات، وفي وقت الفراغ نقرأ “شوية تاريخ"!!

وفي المقابل نجد ولي الأمر الذي يضطر لإرضاء أبنائه، بذهابهم إلى الدروس الخصوصية، وهو لا يملك قوت يومه، فيا ترى من أين يدفع ولي الأمر مصاريف الدروس؟ ومن المعروف أن مصاريف دروس طالب واحد تفوق راتب شهر لبعض الموظفين.. ولكن ولي الأمر شارك في هذا الخطأ… لو أن كل أسرة امتنعت عن إعطاء أبنائها دروسا خصوصية لما سنحت الفرصة للبعض لاستغلالنا..

وبدأت الدولة مؤخرا في تطبيق نظام جديد للتعليم في محاولة لخلق جيل جديد قادر على تحقيق التنمية في مختلف المجالات، فهذا النظام كان بمثابة ثورة على نظام قديم تغلغل فيه الفساد، وقادر على بناء جيل مبدع وواع، قادر على مواكبة التطور التكنولوجي القائم ومسايرته لما يخدم الطالب والوطن.

ومع إعجابي الشديد بهذا النظام، إلا أنني أتساءل، هل شبكة الانترنت في مصر تتحمل هذا العبء الجديد عليها؟! وهل وفرنا للطالب مقعدا في مدرسته ليتمكن من استخدام هذا “التاب”؟!

جميعنا أخطأ وشارك فيما وصلنا إليه الآن.

Comments


bottom of page