رحم الله أستاذنا توفيق الحكيم، لقد مات من الحسرة، قرأ أن أحد لاعبي كرة القدم وهو دون العشرين قد دفعوا له ثلاثة ملايين جنيه، وعلى الفور أمسك توفيق الحكيم قلما وورقة وراح يحسبها. كانت تلك المقدمة هي إحدى مقدمات مقالة لأستاذنا أنيس منصور بعنوان "بدأ عصر القدم..إنتهى عصر القلم"، قص فيها- المقالة - أحد المواقف التي دارت بينه وبين توفيق الحكيم.
أما عن" راح زمن القلم، وبقي زمن القدم" فهي كلمة قالها الحكيم رثاء على حال الأدب والأدباء وكل ذو قلم، ومنذ ذلك الحين ونحن نبتعد عن المجال الأدبي تدريجيا، ولم يعد يشغل لنا بال مثلما كان، وأيضا لم يؤدي ذلك إلى كبت أو موت مواهب أدباءنا وكتابنا بل لازلنا نملك الكثير والكثير منهم، لكن لايوجد من يقرأ مثل سابق عهدنا.
وخير شاهد على ما أقول، هو حال الكتب الأدبية في مصر، فكر يوما ما في شراء كتاب واحد أدبي، أو لأحد أدباءنا العظام، من أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم الكثيرين، ستجد أن البائع نفسه ينظر لك وعلى وجهه علامة تعجب، قد تجعلك تتراجع في اختياراتك، أما أن تحاول الحديث عنهم-الأدباء وأعمالهم- مع أحد، فهو حديث لا طائل منه، لا يقدم ولا يؤخر، لكن ان حاولت مجرد التفكير فقط، في التحدث عن كرة القدم أو أحد لاعبيها، ستجد جماهير غفيرة تأتي من كل مكان لتتحدث معك ولك.
لا أعني بذلك تقليل أو سخرية بلاعبي كرة القدم أو أي لاعب من لاعبي الرياضات الأخرى، فلهم هم الأخرون جهود مشرفة وتاريخ حافل بالفوز، الذي لا يستطيع أن ينكره أحد، فقد وضعتم مصر موضع فخر واعتزاز، ولكن ما أقول ماهو إلا رثاء لعقول لا تريد أن تعير إهتماما للأدب والأدباء.
أصبح حال الأدباء والمفكرين موضع رثاء وأسف، لكنهم بأقلامهم تلك استطاعوا أن يجعلوا لأنفسهم مساحة عظيمة في عقول جماهيرهم من القراء، فقد كانت مكافآتكم أثمن من أغلى قدم من خلال أفكاركم التي لايزال أثرها في أعماقنا.
وما أستطيع قوله الآن أنه لولا أقلامكم لما عرفنا أقدامهم، فقد كنتم البداية ولاتزالون معنا حتى النهاية، فبكم عرفناهم.
Comments