مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية... عُمر من النجاح
في مارس 1994، غُرست البذرة المباركة في الارض الطيبة، ووُضعت اللبنة الأولى في البناء الشامخ، ونُسج الخيط الأول في قصة نجاح إماراتية تبعث على الفخر والاعتزاز. حينها خطا مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية خطوته الأولى على طريق طويل، لم يكن سهلاً أو معبداً وإنما مليء بالصعاب والتحديات. لكن هذه الصعاب والتحديات توارت وانهزمت أمام عزيمة الرجال التي لا تعترف بالمستحيل ولا تقبل الا بالسير الدائم والواثق إلى الأمام. واليوم بعد مرور 24 عاماً على إنشاء هذا الصرح العلمي الإماراتي الكبير، غدا المركز منارة علمية بحثية رائدة، يفخر بها كل إماراتي وعربي... منارة تشع بالنور والفكر ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب وإنما في العالمين العربي والإسلامي بل والعالم كله أيضاً.
لا شيء ياتي من فراغ .. ولم يكن لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن يحقق ما حققه من نجاحات يشهد بها القاصي قبل الداني، ويتحول إلى رمز حضاري ساطع في المنطقة والعالم، لولا توفر ثلاثة أمور، تعد مقومات أساسية للنجاح في كل مكان وزمان. أول هذه الأمور هو الدعم المطلق واللامحدود الذي تلقاه المركز منذ إنشائه من قبل القيادة الرشيدة المؤمنة بقيمة العلم في تقدم الأمم، وأهميته في النهوض بالحاضر والاستعداد للمستقبل. إن هذا الدعم من قبل القيادة، قد وفر الأساس الصلب لانطلاق المركز ونجاحه، وفي الوقت نفسه وضع مسؤولية كبرى على عاتق القائمين عليه والعاملين فيه بأن يكونوا عند مستوى ثقة القيادة فيهم وتوقعاتها من المركز.
الامر الثاني الذي يقف وراء نجاح مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وتفرده هو الرؤية التنموية العميقة التي وقفت وراء إنشاء المركز ودعمه، وتقوم على الإيمان بالدور المحوري له في خدمة صانع القرار، وتعزيز البحث العلمي، وخدمة المجتمع، وإعداد الكوادر البشرية المواطنة، ورفد تجربة التنمية بالفكر الجديد والمبدع على الدوام. أما الركن الثالث في منظومة نجاح المركز فهو الإدارة المتميزة والمتجددة والمبدعة بقيادة سعادة الاستاذ الدكتور جمال سند السويدي، الذي وهب عمره وجهده ووقته وفكره وخبرته لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وظل ولا يزال ينظر الى مرسوم تعيينه مديراً عاماً للمركز قبل 24 عاماً من الان، باعتباره تكليفاً ومسؤولية وطنية كبرى، سعى ولا يزال بكل جهد وهمة وإصرار على النهوض بها، مؤمناً بأن التاريخ لا يعرف حتميات الفشل أو النجاح فلكل أسبابه، وإنما الأمم والمجتمعات هي التي تصنع مصائرها بفكرها وجهدها وإرادتها.
وإذا كانت بعض المؤسسات تشيخ كما يشير البشر مع التقدم في العمر، فإن أهم ما يميز مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إنه متجدد دائماً، وكلما تقدم به الزمن ازداد تألقاً وحيوية ونجاحاً لأن إدارته لا تقنع بما تحقق من نجاح مهما كان كبيراً وعظيماً، وإنما تنظر إلى كل نجاح باعتباره خطوة تؤدي الى ما بعدها على طريق طويل مليء بالطموحات والآمال، وتعمل باستمرار على تطوير آليات العمل وأدواته ومناهجه حتى يواكب المتغيرات المحيطة.
إن ما حققه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في هذا الوقت القصير من عمر الزمن، أكبر من القدرة على التصور خاصة إذا ما قورن بالكثير من مراكز الدراسات والبحوث في المنطقة التي نشأت قبله بعقود طويلة، سواء في عدد الكتب أو البحوث والدراسات والتقارير التي أعدها ونشرها، أو عدد المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي أقامها، أو الكوادر البشرية المواطنة التي أعدها وأهلها، أو دوره في خدمة المجتمع المحلي والخليجي والعربي والعالمي. وعلى الرغم من الإنجازات الكبرى التي حققها، فإن المركز يعيش في حالة تحد دائم مع النفس، ويرى القائمون عليه أن الطريق لا يزال طويلاً، وأن الجهد الذي بذل عبر السنوات الماضية، على الرغم من عظمه، هو جزء يسير من الجهد الذي يجب أن يبذل خلال السنوات القادمة، لأن طموحات الوطن للمستقبل تحتاج من كل مؤسساته مضاعفة الجهد القائم على الابتكار والإبداع.
إن مضى نحو ربع قرن من عمر أي مؤسسة، هو مناسبة فارقة في تاريخها، يتم التوقف عندها لتامل ما تحقق خلال السنوات الماضية، والنظر الى تحديات المستقبل وفرصه. وإذ يفخر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بما حققه عبر السنوات الماضية، فإنه يتطلع بكل قوة ألى المزيد عبر مواجهة تحديات المستقبل واستثمار فرصه، ويعاهد القيادة الرشيدة بأنه سوف يظل كما كان دائماً ترساً قوياً في ماكينة التقدم والتنمية والبناء في وطن الخير.. دولة الامارات العربية المتحدة.
Comentários