top of page

وسائل الإنفصال الإجتماعي.. "التواصل سابقا"!


في عام 1996، أنشأ الأمريكي الشاب، مارك زوكربيرج، (وكان يومئذ في الحادية عشر من عمره) برنامجا للتواصل الفوري، (شبكة تواصل اجتماعي على مقياس مصغر )، من أجل مساعدة والده الذي كان يعمل في عيادة الأسنان في الطابق الأول من بيتهم ويوفر عليه عناء الصعود والنزول على الدرج ، وكانت عائلته تستخدمه أيضا للتواصل فيما بينهم. وتطورت أفكاره شيئا فشيئا حتي كان العام 2005، الذي أنشأ فيه موقع التواصل الإجتماعي الأشهر حتي الآن ( فيسبوك )، بعد عدة محاولات لإنشاء مواقع تواصل خاصة لطلاب الجامعات، ومن يومها زاد عدد المستخدمين حول العالم لهذا الموقع وما علي شاكلته من مواقع؛ لتسهيل وتيسير التواصل بين الناس خصوصا في عصر زاد فيه الناس وزادت مشاكلهم، وقلت حركتهم وأصبح التواصل بينهم بالتزاور واللقاء أمرا صعبا، فلا يجتمعون إلا في المناسبات وكأنه أمر لا محالة فاعلوه! ولكننا دائما كشرق أوسطيين، وكما يطلقون علينا تأدبا ( دول العالم الثالث )، بدلا من أن يقولوا عنا ( دول العالم المتخلف )، أخذنا من الإبتكار الرهيب أسوأ ما فيه وانصب كل تفكيرنا عليه واهتممنا به أشد الإهتمام، فكان بحثنا وجل اهتمامنا واستهلاك أوقاتنا في اللعب، بكل أنواعه، وفي الفيديوهات الإباحية بكل أشكالها، وفي المواقع المتطرفه بكل أنواعها وفي مواقع الغش والإحتيال والنصب باسم التجارة والربح تارة، وباسم العلم تارة وباسم الحرية تارة وباسم الدين تارة أخرى، وكانت النتيجة تدمير للأخلاق أولا، وزيادة العنف ثانيا، وانتشار الجريمة ثالثا. ورغم خطورة ماذكرت، إلا أنني أري شيئا أنه هو الأخطر في سوء استخدام مواقع الإتصالات الحديثة، وهو هذا المشهد العبثي الذي أصبحنا نراه جميعا تقريبا في بيوتنا ومنتدياتنا وأماكن لقاءاتنا، العامة والخاصة علي حد سواء، فأصبح مألوفا جدا أن يجتمع أفراد الأسرة، أو الأصدقاء، أيا كان مكان اجتماعهم، فلا يتكلمون، ولا يتحاورون، ولا إلي بعضهم ينظرون، فكلهم مشغولون، مشغولون، مشغولون! فهذا مشغول في لعب مباراة كرة، وهذا يلعب (بابجي) والآخر يتفاعل مع أحداث فيلم عنيف، وهذا، وهذا وهذه وهؤلاء، كلهم مشغولون مع أنهم في مكان واحد مجتمعون! وبهذا خرجت القيمة الكبري التي من أجلها أنشأ (مارك) الفيسبوك، ليكون وسيلة سهلة ميسرة للتواصل الإجتماعي، ليصبح بما فعله العابثون المتخلفون، وسيلة سهلة أيضا، للإنفصال الإجتماعي! فتحول الشباب في أغلبهم إلي (عرائس متحركة ودمى) يحركها مجهولون يقفون خلف ستار البرامج والألعاب، فتأثرت أخلاقهم سلبا، وزاد العنف بينهم وارتفع معدل الجريمة، وزادت بشكل ملحوظ جرائم الإنتحار بأشكال عنيفة ومقززة وشاذه! وكان الأخطر هو أن رباط الأسرة وبالتالي المجتمع قد انفكت دعائمه، بفعل شباب مفتون، تحولوا بسوء استخدامهم إلي شباب مغيبون، ضالون، ومضللون، وتافهون، ولاعبون، لايفكرون، ولا يبحثون، ولا يتعلمون، وعن ربهم وعن أساس عقيدتهم رويدا رويدا يبتعدون! وفي كل عصر وحين، فالمضللون لا ينتبهون، ولا يعقلون ولا يتعلمون بل إنهم يفسدون ولا يصلحون! أحبتي... خذوا من كل جديد أفضل مافيه واهجروا العبث واللعب والمجون، وأعيدوا للأسرة رباطها المفقود، تنصرون، وتجبرون، وتفلحون!

Comments


bottom of page