عبدالحميد مصطفى يكتب: وداعا أيها الأب الطيب
- Komy Mohamed
- 15 فبراير 2020
- 2 دقائق قراءة

بأي عين يبكى الإنسان مُصابه في أبيه وكل دموع الدنيا لا تعزيه فيه وكل آلام الحياة ومعاناتها تهون أمام الم فراقهِ ووداعه ِالأخير.
الأب الطيب الذي ملأ حياتنا فرحة وراحة واطمئنان، أقل ما نهدى روحه الطاهرة كتابة أطيب الكلام فيه، وهو الذي يصنع لنا من حكمة قوله وخُلاصة تجاربه زادا من الأخلاق الحميدة والوقار والعفة وصلة الرحم وحب العمل واحترام الآخرين ومراعاة مشاعرهم وغض البصر عن محارمهم.
الأب الذي كان يُهوِنُ علينا المُصاب ويُسهِلُ علينا الصعاب ويعلمنا كيف نستهين بمتاع الحياة الدنيا وزخرفها ونسخر من المواجع ونقارعها.
كان لنا المثل والقدوة الحسنة والمربى الفاضل والأخ النصوح، الذي تقر عينه لرؤيتنا وتسر لنجاحنا وتفوقنا. فكم فاضت عيناه رحمة بنا كلما ألم بنا مرض أو حلت بنا مصيبة من مصائب الدهر.
الأب الحنون الذي يحمل فى قلبه مشاعر رقيقة وفى وجدانه محبة عميقة تكفى الجميع وتفيض على من حولنا من أهل وأحبة وجيران ومعارف وأصدقاء، نودعه ودموع الحزن تفيض من قلوبنا وتنهل من عروقنا ونحن نواريه التراب إلى مثواه الأخير داعيين الله أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمنا جميل الصبر والسلوان في أب كان يخاف الله تعالى ويتقيه ويحب رسوله الكريم ويصلى ويسلم عليه، بارا بأمه وأبيه عطوفا على بنيه محسنا لجيرانه وذويه.
إننا في الحقيقة لا نبكيه لأنه قد رحل إنشاء الله تعالى إلى دار ٍ خير ٌمن داره وجيران خير ٌ من جيرانه، ولكننا نبكى أنفسنا لفقد من كان لنا كالسراج المنير في ظلمات حيرتنا وكدليل الطريق الذي يدلنا على وجهتنا وهو من كان يقوينا على ضعفنا ويرشدنا بحكمته إلى أن ننظر إلى من هو دوننا قبل أن ننظر إلى من هم فوقنا.
الأب الذي علمنا في حياته دروسا كثيرة وعبرا عديدة آخر تلك الدروس والعبر هو درس رحيله الذي علمنا فيه إن نهاية الإنسان الموت وإن طال عمره ومصيره الرجوع إلى الله وإن تأخر أجله، وإن قوة الإنسان في مدى صبره وعزمه وصالح عمله وان نجاحه الحقيقي يتأكد بنجاحه في إرضاء ربه والإحسان إلى والديه والخروج من الدنيا بلا خصوم ولا فتن، نظيف اليد طاهر السريرة.
رحمة الله عليك يا آبى رحمة الله على سائر أموات المسلمين، نتضرع إليه سبحانه أن يجعل منزلتك في عليين رفقة الأنبياء والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا ً.
لا يعزينا فيك إلا عزة هذا الوطن المعطاء ومن سبقك الى رحمة الله تعالى من أنبياء وخلفاء راشدين وأولياء صالحين وشهداء، وداعا أيها الأب الطيب وداعا أيها الآباء الطيبون رحمة الله عليكم منا جميعا، طيب الله ثراكم أنتم السابقون ونحن اللاحقون (إنا لله وانا إليه راجعون).
Comments