من المشاعر الأساسية في حياة الإنسان هي مشاعر الحب، ومشاعر الكره أو البغض، ولكي نكن قادرين علي التحكم بها فيجب أولا أن نعلم ماهية هذا المشاعر.
الحب هو التعلق الشديد سواء بشئ وإدمان فعله، والإحساس بالعجز عن تركه، أو بشخص وتمني دوام القرب منه، والتأثر بأفكاره، ومحاولة إرضاؤه، والحرص علي عدم التسبب في غضبه، أو أذيته، والكره هو النقيض لذلك.
وسيكون محور حديثنا عن الأشخاص وليس الأشياء...
في البداية يجب أن نعلم أنه من أحب شخصاً لا يقدر علي كرهه، ولكنه يستطيع التوقف عن حبه فيصبح من يحبه كأي شخص عادي ممن حوله، فلا يحبه، ولا يكرهه.
ومن يكره لا يستطيع أن يحب من يكرهه، ولكنه من الممكن أن يصبح بالنسبة له كأي شخص فلا يكرهه، ولا يحبه.
حينما تحب شخصا فإنك تحب فيه مميزاته، وتغض بصرك عن عيوبه وتستطيع ان تقنع نفسك دون أن تشعر بأن مميزاته كفيلة بالتعلق به، وأن عيوبه لن تمثل لك أي ضرر في علاقتك به، حتى وإن شككت بأنها من الممكن أن تسبب لك ضرر نفسيا أو أذً، فتبرر لنفسك بأنك قادر علي تقويم هذا الشخص، وأنه سوف يقلع عن هذه العيوب.
وهذا المنظور للعلاقة في بدايتها هو منظور الكثير منا وعلي أساسه تنخرط في هذه العلاقة، وفي أغلب الأحيان تصطدم بهذه العيوب وتدرك أنها ذات تأثير قوي عليك، وتدرك أيضا أنك لم ولن تستطع ان تجعله يقلع عنها، فتقع في بحر من الحيرة فلا أنت وجدته كما أردت ولا قادر عن وقف نزيف حبك له.
فلا تدري ماذا تفعل؟! أتكمل علي هذا النحو وتتحمل آلام عيوبه؟ أم تنهي علاقتك به! وأنت فعليا تشعر أنك غير قادر علي ذلك.
هنا يأتي دورك في التحكم في لاشعورك فيجب ان تعلم كيف تتعود علي أن لا تحبه، وذلك عن طريق النظر تجاهه بحيادية، فتسلط الضوء علي عيوبه وتفهمها جيدا ولا تتغافل علي أي منها، وتتغافل عمدا عن مميزاته التي جذبتك من قبل نحوه. وتكون المعادلة آن ذاك.. تسليط الضوء علي كل كبيرة وصغيرة من عيوبه، وتضئيل مميزاته داخل عقلك، ومقارنته بأشخاص آخرين أفضل منه في نواحي شتى.
سيدرك عقلك حجمه الطبيعي ويزيل هالة الإعجاب المحاطة به داخلك فيصدر أوامره لقلبك فيتوقف تدريجيا شغفك به إلي أن ينتهي حبك له، وإن شعرت أنك غير قادر شخصيا علي فعل ذلك، فيمكنك الإستعانة بمساعد نفسي، سواء كان متخصص أو مجرد صديق يمكنه ذلك.
وعلى النقيض من ذلك...إن أردت التوقف عن كرهك لشخص ما، فيجب أن تنظر له نفس النظرة الحيادية السابقه، فإن كان آذاك، فلتعلم أنه بشر يصيب ويخطئ، وأنه من المؤكد عنده من المبررات لذلك، وأنك حتما قمت أنت بدوره ولكن مع شخص آخر وآذيته وكان عندك أيضا مبرراتك آن ذاك.
حتما هو لديه مميزات أنت لم ترد أن تراها لعدم حياديتك في النظر إليه نظرة مكتملة، وتغافلت عمدا عن هذه المميزات، ولكي تتوقف عن هذا الكره فإليك المعادلة..
سلط الضوء داخل عقلك علي كل ميزة لديه.. والتمس المبرر علي قدر ما تستطع لكل عيب رأيته فيه، وقارنه بمن حولك وأنت تعلم أنهم أكثر بشاعة منه.
فسيدرك عقلك ذلك ويرسل إشاراته لقلبك بالتوقف عن كرهه، ومن الممكن في بعض حالات استثنائية أن يتحول هذا الكره الي حب.
مضمون حديثنا هذا أن مشاعرك ليست توجيه غير مبرر من قلبك، ولكنك أنت من وجهته لهذه المشاعر دون أن تدري، عن طريق ما أدخلته لعقلك لترجيح هذه المشاعر، سواء كانت الحب أو الكره، وينطبق ذلك أيضا علي حب وكره الأشياء وليس فقط الاشخاص. ولتتمة الحديث سنسرد بعض العبارات التي نستخدمها ونعتقد أنها صحيحة وهي عارية من الصحة تماما مثل: بحبه لله في لله بكرهه لله في لله مش قادر أحبه مش قادر أكرهه
كل هذه عبارات غير صحيحة ولكنها لها مبرر نقولها علي أساسه، وهو أن المشاعر تُحس، وأن أحاسيسك هذه ما هي إلا رد فعل لما وجدته من مشاعر من الطرف الاخر.
Comments