إمرأةٌ وحدتها تاج، لا يليق بالعالم أن يقترب منه.
- saad25105
- قبل 3 ساعات
- 2 دقيقة قراءة

بقلم ياسمـين يسـري
الاقترابُ منها لم يكن خطوة عابرة، بل مغامرة حقيقية. لستُ من هواةِ التطفّل، لكن شيئًا في قوّتها كان يجذبني كما لو أنني أقترب من نارٍ أعرف أنني سأحترق بها، لكن صممت على الاقتراب
فهي أمام الناس تبدو محاربة لا تُهزم؛ تتحدث عن القوة وكأنها خُلقت منها، تمضي وحدها، لا تتكئ على أحد، ولا تتشبث بيدٍ مهما امتدت إليها،تعلم جيدا حدودها ومكانتها.
امرأة وُلدت وكأن العالم كله ليس جديرًا بأن يشاركها وحدتها.
لكن من قال إن المقاتلات لا يخفين قلوبًا رقيقة في غرفهن؟
من قال إن المرأة القوية لا تبكي، لا تهتز، لا تشعر؟ الحقيقة أن أشدّ النساء صلابة هنّ اللواتي يخبئن أرقّ المشاعر في أكثر الأماكن عزلة،
بعيدًا عن ضوضاء البشر وخبثهم.
اقتحمتُ عالم امرأة تظنّ دموعَها خيانة، امرأة تفكّر بعقلٍ حاد كحدّ السيف، لا تخطو خطوة دون أن تحسب لها ألف حساب.
امرأة يخشاها الرجال أصحاب الشخصيات الهشّة، ويخشى وجودها كل من يحبّ السيطرة وفرض الهيمنة. كنت أظنها كتلة فولاذ لا تُخدش، حتى اكتشفتُ أن في أعماقها طفلة مزاجية يسهل أن تبهجها تفصيلة صغيرة وتربكها نهاية رواية سيئة.
طفلة تتأثر بأغنيات أم كلثوم كما لو أن العالم بأسره اتفق على كسر قلبها، تحفظ الأغنيات العاطفية كأنها تعيش قصة حبّ خيالية، وتغمرها الموسيقي في عالم من الخيال الواقعي
ويجرحها فيلم عن الاكتئاب كما لو أن أبطالَه أقاربُ روحها.
تحتفظ بالتذكارات والصور، وتكتب لنفسها رسائل عتاب واعتذار، وتهدي نفسها دائما كلمات حُب واعتزاز
كأنها تُرمّم ما تهشّم قبل أن تراه أعين الناس.
تحب القراءة، والرسم، والرقص، وتغرقها الموسيقى حتى تشعر أنها تنقذ شيئًا بداخلها.
تتزين لنفسها كما لو أنها على موعدٍ مع الحياة_فيهى تُحب الحياة _
وحين تسقط،تنهض.
تنهض وحدها، تشدّ همتها وحدها، وتواصل السير وحدها.
تخشى الفراق، تكره الانتظار، تمقت الكذب والنفاق والخيانة
وتُسعدها رسالة بسيطة بخط اليد، بينما يكفي نقد قاسٍ ليعكّر نهارها كله.
تبكي في الخفاء، تحتضن نفسها حين تنهار، تعلمت كيف للمرء أن يَحضن ذاته
تصرخ في أعماقها دون أن يسمع صراخها أحد،
ثم تستيقظ في الصباح بضحكتها الأنيقة، كأن الليل لم يلتهم قلبها أبدًا.
أمام الناس ثابتة كالجبال، وفي وحدتها،وردة تهتز داخل عاصفة.
ففي داخل كل امرأة قوية، طفلة صغيرة،لا يصل إليها أحد.


تعليقات