الإنسان يبحث عن معنى
- nourelkomy1245
 - قبل يوم واحد
 - 2 دقيقة قراءة
 

بقلم :معمر حسين اليافعي
ابن الحصن
لم يكن هذا كتابًا أقرأه… بل كتابًا يقرأني.
كُتِب في قلب المعاناة، لكنه لم يكن عن الشكوى، بل عن النجاة.
فرانكل لم يُملي علينا فلسفة من مقاعد الدراسة، بل من ظلام الزنازين، من جوعٍ لا يُحتمل، ومن موتٍ يمشي كل صباح بين الطوابير.
قرأت هذا الكتاب كمن يعثر على مرآته وسط الدخان.
كان يطرح سؤالًا بسيطًا:
لماذا يعيش بعض الناس رغم كل شيء؟
ولماذا ينهار آخرون حتى وهم يملكون الكثير؟
الإجابة لم تكن في القوة، ولا الذكاء، ولا الحظ… بل في شيء واحد: المعنى.
فرانكل كان يؤمن أن الإنسان يمكن أن يُسلب منه كل شيء،
إلا حريته في أن يختار موقفه، نظرته، ردة فعله.
وقد تكون تلك الحرية، رغم صِغَرها، كافية لإنقاذ الروح.
في المعتقل، لم يكن هناك شيء يُبقيهم أحياء سوى ذكرى من يحبون، أو أمل صغير، أو رغبة في إنهاء كتاب لم يُكتب بعد…
تلك الأشياء البسيطة التي قد يسخر منها العقل، لكنها وحدها كانت معجزات داخلية.
فرانكل خرج من السجن لا ليُحدّثنا عن النازيين، بل ليقول:
"ما لم تُدركه في ألمك… سيبقى ألمًا.
وما فهمته منه، سيتحول إلى معنى.
وحين يوجد المعنى، تصبح المعاناة قابلة للاحتمال، بل قابلة للتحوّل."
فهمت من هذا الكتاب أن الحرية لا تبدأ من السياسة أو القوانين…
بل من قراري أنا: كيف أفسّر ما يحدث لي، وكيف أُعيد تشكيل نفسي من جديد.
علّمني أن السعادة ليست هدفًا، بل نتيجة…
وأن الإنسان لا ينهار من الألم، بل من الفراغ، من سؤالٍ لا يجد له جوابًا:
"لماذا أعيش؟ ولأجل ماذا أتحمل؟"
عندما قرأت هذا الكتاب، لم تتغير حياتي من الخارج،
لكن شيئًا في داخلي أصبح أكثر هدوءًا… أكثر نضجًا.
لم أعد أبحث عن طرق للهروب من ألمي، بل بدأت أبحث عمّا يعنيه.
وصرت أرى في كل لحظة قاسية دعوة لفهم أعمق، لا لرفض أعمى.
"الإنسان يبحث عن معنى" لم يكن فقط كتابًا…
كان خريطة داخلية،
وكان الدليل الأول على أن النجاة لا تبدأ من تغيير العالم،
بل من إعادة تفسيره
ابن الحصن
كاتب وباحث عُماني مهتم بالفكر، الهوية، والفلسفة المعاصرة.
رئيس تحرير سابق لمجلة بيادر.
صاحب تجربة طويلة في الإعلام، التجارة، والثقافة.
مؤسس مشروع ثروان؛ رؤية ثقافية وتجارية تهدف إلى إحياء التراث الخليجي بروح عصرية، ووصل الماضي بالحاضر


تعليقات