المتحف المصري الكبير GEM
- nourelkomy1245
 - قبل يوم واحد
 - 4 دقيقة قراءة
 

بقلم السفير أشرف عقل
شهدت مصر فى الأول من نوفمبر ٢٠٢٥م ، حدثا عظيما وهو افتتاح المتحف المصرى الكبير الذى يحتوى على مجموعة هائلة من الآثار الخاصة بحضارة واحدة هى الحضارة المصرية القديمة . ويجرى الافتتاح وسط حضور دولى كبير وعلى أعلى مستوى ، الأمر الذى يدل على المكانة التى تحظى بها مصر فى العالم ، وهو الأمر الذى ليس جديدا على بلادنا التى تعد أيقونة هذه المنطقة المهمة فى العالم . ومن هنا ارتأيت الكتابة عن هذا الحدث المهم بطريقة مبسطة علها تلقى آذانا صاغية لدى من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . حما الله بلادنا كافة ومصر فى مقدمتها وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن ، إنه على كل شيء قدير .
يعد المتحف أكبر متحف فى العالم يضم آثار الحضارة المصرية القديمة ، وهو وجهة سياحية رئيسية تدفع نحو نمو قطاع السياحة فى مصر خلال المرحلة المقبلة ، كما يعد المتحف رمزا لماضى مصر العريق ومنارة نحو مستقبلها المشرق ، فضلا عن كونه إرثا انسانيا لا يقدر بثمن .
يقع المتحف على بعد أميال قليلة من غرب القاهرة بواجهة تطل مباشرة على أهرام الجيزة ، و يستوعب حوالى خمسة مليون زائر سنويًا ، ويضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية من العصور المصرية القديمة واليونانية والرومانية من بينها المجموعة الكاملة لآثار الملك توت عنخ آمون التى تزيد عن خمسة آلاف قطعة ، وتمثال الملك رمسيس الثانى الذى يتوسط البهو الرئيسى ، بالإضافة إلى مباني للخدمات التجارية والترفيهية ومركز ترميم وحديقة متحفية .
نشأت فكرة المتحف فى عام ٢٠٠٢م ، في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني . وتبلغ مساحته نحو ١١٧ فدانا ، منها ١٠٨ الف متر خاصة بالمبنى الرئيسي . وكانت مصر قد أطلقت حملة دولية لتمويل مشروع بناء المتحف ، كان من أبرز مساهميها وكالة الجايكا اليابانية ، من خلال قروض ميسرة .
تم اختيار موقع إنشاء المتحف بالقرب من أهرام الجيزة ، وفازت شركة هينجان بنغ Heneghan Peng بمسابقة التصميم المعماري للمتحف ، فيما فازت شركة اتيليه بروكنر Atelier Bruckner بتنفيذ العرض المتحفي للمتحف ، أما الأعمال الإنشائية ففاز بها تحالف شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة مع شركة بيسكس Besix ، وتتولى
الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الإشراف العام على المشروع ، فى حين تتولى شركة المقاولون العرب نقل القطع الأثرية الضخمة إلى المتحف .
ساهم في تمويل بناء المتحف عدة جهات كان أبرزها قرضين ميسرين من وكالة جايكا اليابانية الأول في ٢٠٠٦م بقيمة قدرها ٢٨٠ مليون دولار والثاني في ٢٠١٦م بقيمة قدرها ٤٦٠ مليون دولار ، بالإضافة إلى ١٥٠ مليون دولار من التبرعات والمُساهمات المحلية والدولية و ١٠٠ مليون دولار تمويل ذاتي من الحكومة المصرية .
في ١٠ يونيو ٢٠١٨م تم الكشف عن شعار «لوجو» المتحف الذي سيستخدم في الحملة الترويجية للمتحف في مصر والعالم . وقد صمم الشعار اللبناني-الهولندي طارق عتريسي ، وبلغت تكلفة التصميم مبلغ ٨٠٠ ألف جنيه مصري، وهي من ضمن تكاليف تصميم العرض المتحفي الذي تنفذه الشركة الألمانية " أتيلييه بروكنر" ، وجرى اختيار التصميم عن طريق لجنة مصرية.
فجر تصميم الشعار خلافًا وجدلًا واسعًا بين الخبراء والمثقفين، حيث اعترض البعض على بساطة الشعار وألوانه ، ومنهم الفنان ووزير الثقافة الأسبق فاروق حسني ، والفنان محمد عبلة وغيرهم . فيما رأى الجانب الآخر ، أن استخدام شكل هندسي بسيط للشعار كان أسوة بشعارات المتاحف الكبرى في العالم .
يمثل الشعار التخطيط الأفقي للمتحف الذي تنفرج جوانبه لتطل على أهرام الجيزة ، ويأخذ الشعار اللون البرتقالي الذي يعكس اللون الذي تضفيه الشمس على هضبة الأهرام ساعة المغيب ، أما كتابة اسم المتحف بخط عربي انسيابي فاستلهم من الكثبان والتلال الرملية للبيئة المحيطة .
حصل مشروع المتحف المصري الكبير كأول متحف أخضر في أفريقيا والشرق الأوسط على الشهادة الدولية " Edge Advance " للمبانى الخضراء المعتمدة من قِبل مؤسسة التمويل الدولي إحدى مؤسسات مجموعة البنك الدولي، وجاء ذلك الاختيار بعد تحقيق المتحف لمعايير ترشيد الطاقة واستخدام الطاقة النظيفة في أعمال البناء وأنظمة الإضاءة والتهوية الطبيعية وتركيب الخلايا الشمسية.
للمتحف مجلس أمناء يرأسه رئيس الجمهورية ويضم فى عضويته عددا من الشخصيات لا يزيد عن عشرين شخصية ، ويختص المجلس بإقرار السياسة العامة والخطط اللازمة لهيئة المتحف ، وله أن يتخذ ما يراه من القرارات اللازمة في هذا الشأن لتمكين هيئة المتحف من أداء رسالتها والقيام بعملها، كما يختص بدعم ومتابعة نشاطها وإسداء ما يراه من توجيه في هذا الشأن. ويصدر بتشكيل مجلس الأمناء ومدة عضويته وتنظيم عمله قرار من رئيس الجمهورية.
بينما يرأس مجلس الإدارة الوزير المختص بشؤون الآثار ويضم فى عضويته عددا من الشخصيات لا يقل عن عشرة ولا يزيد على عشرين عضوًا من ذوي المكانة العلمية والخبرة الدولية ، ويكون الرئيس التنفيذي للمتحف من بينهم ، على أن يكون نصفهم على الأقل من خارج هيئة المتحف . ويصدر بتشكيل مجلس الإدارة ، وتحديد مدة عضويته وتنظيم عمله، وتحديد المعاملة المالية لرئيسه وأعضائه قرار من رئيس مجلس الوزراء . ويعد مجلس الإدارة السلطة العليا المهيمنة على شؤون هيئة المتحف ، وله أن يصدر القرارات اللازمة لتحقيق أهدافه، وله على الأخص ما يلي :
الإشراف على تنفيذ السياسات العامة، والخطط الاستراتيجية لهيئة المتحف التي يقرها مجلس الأمناء.
اعتماد الهيكل التنظيمي لهيئة المتحف.
الموافقة على مشروع الموازنة السنوية لهيئة المتحف، واعتماد مشروع الحساب الختامي.
قبول المنح والتبرعات والوصايا والهبات والهدايا التي تحقق أغراض هيئة المتحف.
إدارة موارد هيئة المتحف المالية.
وضع أسس التعاون بين هيئة المتحف والمتاحف والمؤسسات والشركات المصرية والإقليمية والعالمية.
الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية لهيئة المتحف.
الموافقة على القروض التي تعقد لصالح هيئة المتحف.
وللمتحف رئيس تنفيذي ونائبين للرئيس ، يصدر بتعيينهم وتحديد اختصاصاتهم والمعاملة المالية المقررة لهم قرار من رئيس مجلس الوزراء ، بناءُ على ترشيح وعرض الوزير المختص بشؤون الآثار. ويكون تعيين الرئيس التنفيذي ونائبيه لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. ويمثل الرئيس التنفيذي هيئة المتحف أمام القضاء وفي صلاتها بالغير .
يعد حفل الافتتاح انجازا تاريخيا ليس فقط لمصر ، ولكن للتراث الانسانى بصفة عامة ، وخطوة عملاقة تستهدف وضع مصر مجددا فى صدارة المشهد السياحى والثقافى العالمى . وجاء الحضور الرفيع للحدث بمثابة تأكيد عالمى على مكانة المتحف ، ورسالة من مصر تجمع فيها بين عراقة الماضى وابتكار الحاضر وازدهار المستقبل .


تعليقات