حين تتقاطع العدسة والوجدان: لقاء تركي-عُماني يُمهّد لفيلمٍ لا يشبه إلا الحلم
- saad25105
- 19 يونيو
- 2 دقيقة قراءة

بقلم: سيلينا السعيد
في صباحٍ بدا كأنّه مشهد افتتاحي من فيلمٍ سينمائي، اجتمع الحرف والصورة، والعطر العثماني باللّبان العُماني… في قلب مسقط، وتحديدًا في مقر الجمعية العُمانية للسينما، انعقد لقاءٌ استثنائي بين سعادة السفير التركي في سلطنة عُمان، البروفسور محمد حكيم أوغلو، وإدارة الجمعية بحثًا عن سبل نسج خيوط التعاون الثقافي والسينمائي بين بلدين شقيقين.
لم يكن اللقاء مجرد اجتماع رسمي، بل حوارًا بصريًا روحيًا بين ثقافتين تنتميان إلى الحكاية ذاتها… إلى الدفء ذاته… إلى شاشاتٍ تأخذ من القلب ضوءها، ومن التاريخ إطارها.
كاميرا القلب تسبق البروتوكول
كان في استقبال سعادة السفير التركي عددٌ من الشخصيات السينمائية العُمانية، وعلى الطاولة لم تكن الملفات أهمّ من الأسئلة الجميلة:
متى نصنع فيلمًا يُشبهنا؟
متى تلتقي إسطنبول بمسقط على شاشة واحدة؟
السفير التركي، الذي بدا وكأنه خارج لتوّه من مشهد هادئ في فيلم تركي قديم، تحدث بصدق العارف بعُمق الفن، مؤكدًا أن السينما ليست فقط أداة ترفيه، بل جسر إنساني وحضاري يوصل بين الشعوب دون تأشيرة.
“السينما ليست صورة فقط، بل ذاكرة. وعندما تتلاقى ذاكرة تركيا وذاكرة عُمان، سنصنع عملاً يُشبه البحر حين يُصافح الهلال”، قالها السفير بلغته الهادئة، التي بدت وكأنها موسيقى تصويرية تسبق مشهدًا كبيرًا.
حين تتحوّل الشراكة إلى شغف
في هذا اللقاء، وُلد حلم مشترك لفيلم سينمائي تركي-عُماني طويل، يُكتَب بروحٍ واحدة، ويُصوَّر في جغرافيا تتداخل فيها قُرى ظفار بجبال كابادوكيا، وصوت المآذن في إسطنبول بأهازيج الصيادين في صور.
تمّ الاتفاق على تشكيل لجنة فنية مصغرة لبحث المشروع، على أن يشمل الفيلم عناصر من الفلكلور، الحب، التاريخ، والموسيقى التقليدية لكلا البلدين، مع فتح باب التعاون في مجالات التدريب والتبادل السينمائي، عبر ورش عمل مشتركة، واستضافة مخرجين وفنيين من كلا الجانبين.
“ربما لا نتحدث اللغة ذاتها، لكننا نحلم و نشعر و نفرح بالطريقة نفسها"
منارات الضوء بين عُمان وتركيا
الجمعية العُمانية للسينما بدورها، عرضت على السفير أرشيفها من الأفلام القصيرة والتجارب الشابة، مؤمنة بأنّ الشراكة الحقيقية تبدأ من دعم المواهب من كافة الثقافات.
وعبّر رئيس الجمعية عن تطلع عمان إلى الاستفادة من التجربة التركية العريقة في إنتاج الدراما والأفلام التاريخية والواقعية، وهي التي وصلت إلى ملايين المشاهدين حول العالم.
كما نُوقشت إمكانية مشاركة أفلام عُمانية في مهرجانات تركية، والعكس، ليكون هناك تفاعل دائم بين الجمهورين، وتبادُل في الحكايات والبطولات والأساطير. فتركيا، بألف ليلةٍ وليلة من التاريخ، وعُمان، بحكايات اللبان والريحان والمحيط، تحملان معًا القدرة على سرد قصصٍ تُغني العالم وتُثري الإنسانية.
مشهد أخير… لكنه البداية
في نهاية اللقاء، لم تُطفأ الأنوار، بل اشتعلت في عيون الحاضرين. لم تُغلَق الملفات، بل فُتحت النوافذ على احتمالات كثيرة. السفير التركي ودّع الحاضرين بكلماتٍ بسيطة لكنها عميقة:
“دعونا نبدأ بفيلم… لكن لا نُنهي عنده الحكاية. دعونا نجعل السينما بابًا مفتوحًا بيننا إلى الأبد.”
وغادر المكان، لكن بقي صوته في القلوب كصدى حوارٍ هادئ تحت ضوء القمر.
لا تُكتب كل الأفلام بكاميرا و سيناريو ، بعضها يُكتب بلقاء، ببساطة النوايا، وبرغبة صافية في أن يلتقي البشر حول الفن لا فوق الخريطة.
وما حدث في مسقط بين السفير التركي والجمعية العُمانية للسينما، لم يكن مجرد اجتماع، بل كان مشهدًا افتتاحيًا لفيلمٍ إنساني طويل… اسمه: “اللقاء بين عدستين”.


تعليقات