top of page

في حضرة الصوت… رياض العمر يُغني كما يُصلي

  • saad25105
  • 25 مايو
  • 3 دقيقة قراءة

ree

حوار : سيلينا السعيد


في زمنٍ يضجُّ بالضوضاء، هناك أصوات لا تَصرخ… بل تُضيء.


الفنان اللبناني رياض العمر ليس مجرّد مطرب، بل تجربة روحية، تنتمي إلى ذاك الجيل الذي يعتبر أن الغناء فعلُ حب، وطقسُ وجد، ورسالةٌ لا تُباع ولا تُشترى.

في هذا الحوار، لم نسأل أسئلة تقليدية. بل طرقنا على باب القلب، وتركنا الفنان يُغني لنا بصوته ووجدانه… لا بألحانه فقط.

الصوتُ هبة… فهل شعرتَ يومًا أن غنائك هو نوعٌ من الصلاة؟

نعم. وأكثر من مرة. الغناء بالنسبة لي ليس عرضًا فنّيًا، بل لحظة اتصال بيني وبين الله، وبين الناس. حين أغني من قلبي، أشعر كأنني أُصلي بنغمة. أقف على المسرح كأنني في محراب، أرفع صوتي لا لأبهر، بل لأُناجي.

متى أنقذك الطرب؟ ومتى خذلك؟

الطرب أنقذني حين وجدت نفسي مسؤولًا عن بيتٍ وأهل، وكنت بحاجة لبابٍ أطرق عليه كلما ضاق الواقع. الغناء فتح لي باب العطاء. لكنه خذلني في فترة جائحة كورونا. شعرت أن هذه المهنة، رغم عظمتها، هشة. يمكن أن تُطفأ في لحظة… وأن تنام الحناجر قسرًا، كما نامت المسارح.

هل الغناء وطنٌ بديل لمن فقدوا أوطانهم؟

بل هو الوطن ذاته. الغناء لا يعرف حدودًا، لا يحتاج إلى تأشيرة، ولا يطلب جنسية. هو الخريطة الوحيدة التي يمكن أن تجمع كل المدن داخل لحنٍ واحد، وكل القلوب في نغمة. أنا، حين أغني، لا أحتاج جواز سفر… أحتاج فقط أن أُصدق إحساسي.

بين شحيم وكازابلانكا… كيف تغيّر صوت الحنين؟

شحيم هي أمي. جذوري، طفولتي، لهجتي. كازابلانكا شبابي، مرآتي، مدينتي التي فتحت لي أبواب الفن والحرية. الحنين هو نفسه، لكن صوته تغيّر. صار أكثر نضجًا، أكثر صدقًا، وربما أكثر حزنًا.

حين غنيتَ “بيروت بتجمعنا”… لمن كانت الأغنية؟

لقلبي. لبيروت التي أعرفها، لا تلك التي تراها الكاميرات. غنيتُ لبيروت التي تضحك رغم الدمار، لبيروت التي تشبه الأمّ التي تُربّت على قلبك حتى وأنت تُبكيها. هي أغنية وطنية، نعم، لكنها أيضًا عاطفية، وجدانية، غمزة لمدينة لا تليق بها الدموع.

هل يُشفى القلب بالمقام الموسيقي؟ أم أن النغمة تُعمّق الجرح؟

المقام مثل الرّوح. أحيانًا يشفيك، وأحيانًا يعيدك للوجع… لكن بلطف. النغمة لا تؤلم، بل تكشف ما نخفيه. هي مرآة القلب.

في لحظة الصمت بعد انتهاء الأغنية… ماذا تسمع؟

الصمت بعد الغناء ليس فراغًا. هو لحظة كشف. أسمع قلبي. أسمع طفولتي، واسم أمي، وكل الأحلام التي تأجلت، لكنها لم تمت. الصمت هو الجزء الأصدق في الأغنية.

هل ترى الموسيقى خلاصًا، أم ابتلاءً جميلًا؟

هي كلاهما. خلاص من قسوة العالم، لكنها أيضًا ابتلاء، لأنك كلما أخلصت لها، صارت أكثر قسوة. تمنحك كل شيء… وتسحب منك الكثير.

من علّمك أن تُغني من الداخل؟

الخذلان علّمني. الحب الأول علّمني. كل شخص غادر حياتي دون أن يُكمل أغنيته معي… كان جزءًا من هذا التكوين. لم أتعلم من مدرس، بل من الحياة.

إن قدّر لك أن تُغني لمدينة لم تولد بعد، فكيف سيكون لحنها؟

سيكون لحنًا دون كلمات. يشبه دمعة لا تسقط، أو نايًا يبحث عن شفة تُنقذه. مدينة لا تنام، ولا تصرخ. فقط تُغني من بين خرائط الحنين.

هل كل فنان عاشق بالضرورة؟ أم أن الغناء يخلق العشق؟

الغناء يصنع العاشق. لا يمكن أن تغني “بصدق” وأنت لا تعرف ما معنى أن تهتزّ لأجل أحد. العشق مادة الصوت، ولولا الحب، لبقيت الأغنية مجرد تمرين صوتي.

ما الكلمة التي تمنيتَ أن تُغنيها ولم تُكتب بعد؟

“حنانك يا أمي”… لم أجد شاعرًا كتبها كما أشعر بها. حين تُكتب، سأغنيها حتى لو لم يسمعها أحد.


خاتمة الحوار:

رياض العمر ليس مطربًا بالمعنى التقني، بل هو سيرة وجدانية تُغنّى. صوته لا يُشبه غيره، لأن نبضه لا يُشبه سواه. هو فنانٌ يُقيم في الحنين، ويؤمن أن الغناء صلاة، وأن اللحن وطن، وأن الجمهور… مرآة الروح

 
 
 

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page